وسننهم، ثم مع ابنه أبي تاشفين إلى أن ملك أبو الحسن تلمسان سنة سبع وثلاثين.
وكانت لهما من الشهرة في أقطار المغرب ما أثبت لهما في أنفس الناس عقيدة صالحة فأدناهما وأشار بتكرمتهما ورفعهما عن أهل طبقتهما، وأجمل مجلسه بهما وحضرا معه واقعة طريف وعادا لبلدهما، فتوفي أبو زيد وتبوأ أبو موسى الكرامة ثم صحبه إلى افريقيا سنة ثمان وأربعين مكرمًا موقرًا على المحل قريب المجلس، فلما استولى على افريقيا سرحه إلى بلده فأقام يسيرًا ومات في الطاعون الجارف سنة تسع وأربعين وبقي أعقابهما بتلمسان في تلك الكرامة طبقًا عن طبق إلى هذا العهد- اهـ.
قال المقري -رحمه اللَّه-: شهدت مجلسًا بين يدي السلطان أبي تاشفين عبد الرحمن موسى قريء فيه على أبي زيد بن الإمام حديث "لقنوا موتاكم لا إله إلا اللَّه" فقال له الأستاذ أبو إسحاق بن حكم السلوي: هذا الملقن محتضر حقيقة ميت مجازًا فما وجه ترك محتضركم إلى موتاكم والأصل الحقيقة؟ فأجابه أبو زيد بجواب لم يقنع به، وكنت قرأت على الأستاذ بعض التنقيح فقلت: زعم القرافي أن الشيء إنما يكون حقيقة في الحال مجازًا في الاستقبال مختلفًا فيه في الماضي إذا كان محكومًا به، أما إذا كان متعلق الحكم كما هنا فهو حقيقة مطلقًا إجماعًا وعلى هذا لا مجاز، لا يقال احتج في موضع الوفاق ثم أنّا لو سلمنا نفي الإجماع فلنا أن نقول ذلك إشارة إلى ظهور العلامات التي يعقبها الموت عادة، لأن تلقينه قبل ذلك إن لم يدهش فقد يوحش فهو تنبيه على محل التلقين أي لقنوا بأنه ميت أو نقول: إنما عدل إلى الاختصار لما فيه من الإبهام، ألا ترى اختلافهم فيه هل أخذ من حضور الملائكة ولا شك أن هذه حالة خفية تحتاج في نصبها دليل الحكم، والوصف ظاهر بضبطها وهو ما ذكرناه، أو من حضور الموت وهو أيضًا مما لا يعرف بنفسه بل بعلامات، فلما وجب اعتبارها وجب كون التسمية إشارة إليها -اهـ- بنقل ابن الخطيب في الإحاطة.
قلت: ومن تآليف أبي زيد شرحه على ابن الحاجب الفرعي وألا أدري