قلت: الذي في المغني بعد اعتراضه على أبي حيان نصه، وتبعه على هذا الوهم رجلان لخصا من تفسيره إعرابًا- اهـ.
وذكر الشيخ أبو عبد اللَّه الرصاع التونسي في كلامه على آيات المغني أن الطلبة كثيرًا ما يسألون عن ثاني الرجلين المذكورين وأنه سأل عنه بعض شيوخه فلم يجبه- اهـ. قلت: أما ما ذكره ابن غازي من أن ثاني الرجلين هو أخوه يعني الشمس الصفاقسي فكأنه اغتّر في ذلك بما وقع في الديباج لأنه قال "ومن تصانيفهما إعراب القرآن جرّداه من البحر المحيط" انتهى. وليس ذلك بمعتمد، وقد تقدم من كلام ابن مرزوق وتلميذه، ومن كلام الحافظ ابن حجر أن برهان الدين هو مؤلف الإعراب وإنما ثاني الرجلين الذي عناه ابن هشام الإمام العلامة شهاب الدين أحمد بن عبد الدائم الحلبي المصري الشافعي الشهير بالسمين أحد أكابر أصحاب أبي حيان، وتأليفه في إعراب القرآن في أربعة أسفار كبار لخصه من تفسير أبي حيان وزاده أشياء سماه (المصون) أكثر فيه من مناقشة أبي حيان، كتاب نفيس إلى الغاية أبسط من إعراب الصفاقسي وأفيد، وأوسع منه، فالرجلان اللذان عنى ابن هشام هما الصفاقسي والسمين، وكذلك رأيت اسمهما مقيدًا على نسخة عتيقة من المغني بخط عتيق، واللَّه أعلم.
ثم قال الشيخ ابن غازي، وقد كاد يجمع الثقلان على قوة عارضة أثير الدين أبي حيان وتبرزه في العلوم، وخصوصًا علم اللسان، فقد حاز فيه قصب السباق ورهان الميدان، ولا يلتفت لقول صاحب المغني:"لم يكن يحسن اللسان ":
ومن ذا الذي تُرضي سجاياه كلُّها ... كفى المرءُ نبلًا أن تعدَّ معايبُهْ
وقال آخر (١):
أتيت أخيرًا في النحاة وإنني ... لأعبر سبقًا في وجوه الأوائل
ولما حج الأستاذ الأكبر أبو عبد اللَّه ابن آجروم الفاسي استجاز أبا حيان فأجازه، وكان ممن أدرج في إجازته تعريفًا لأهل الغرب وقال: إن فتى يقال له إبراهيم الصفاقسي لا يحسن النظر في العربية وإنما يحسن شيئًا من فقه مذهب