عبد اللَّه السلوي ثم لازم بعده شيخنا الابلي وابني الإمام واستبحر في العلوم وتفنن، ولما نقض السلطان أبو عنان بيعة أبيه ندبه لكتابة البيعة فكتبها وقرأها على الناس في يوم مشهود، وارتحل معه لفاس فعزل قاضيها الشيخ المعمر ابن عبد الرزاق وولاه، فلم يزل قاضيها بها حتى سخطه لبعض النزغة الملوكية فعزله وولى الفقيه أبا عبد اللَّه الفشتالي آخر ست وخمسين.
ثم بعثه سفير الأندلس فامتنع من الرجوع فأنكر السلطان على صاحب الأندلس ابن الأحمر تمسكه به وبعث إليه يستقدمه منه فلاذ منه ابن الأحمر بالشفاعة فيه واقتفى كتب أمان له لخط السلطان أبي عنان فأوفده مع الجماعة من شيوخ العلم بغرناطة، ومنهم القاضيان بغرناطة شيخنا شيخ الدنيا جلالة وعلمًا ووقارًا ورياسة أبو القاسم الشريف السبتي وشيخنا شيخ المحدثين والفقهاء والأدباء والصوفية والخطباء سيد أهل العلم بإطلاق أبو البركات ابن الحاج البلقيقي فوفدوا به على السلطان شافعين على عظيم نشوبه للقائهما فقبلت الشفاعة وأنجحت الوسيلة وحضرت يوم قدومهما مجلس السلطان سنة سبع وخمسين وكان يومًا مشهودًا فاستقر القاضي المقري في مكانه بباب السلطان عطلًا من الولاية والجراية وامتحنه السلطان بعد ذلك بسبب خصومة وقعت بينه وبين أقاربه امتنع من حضوره معهم عند القاضي الفشتالي فتقدم السلطان لبعض أكابر الورعة ببابه بأن يسحبه لمجلس القاضي حتى أنفذ فيه حكمه، فكان الناس يعدونها محنة، ثم ولاه السلطان بعد ذلك قضاء العساكر في دولته عند ارتحاله إلى قسنطينة، فلما فتحها وعاد إلى ملكه بفاس آخر ثمان وخمسين اعتل القاضي المقري في طريقه ومات عند قدومه لفاس- اهـ.
قال الونشريسي: لما تولى قضاء فاس قام بأعبائه علمًا وعملًا، وحمدت سيرته ولم تأخذه في اللَّه لومة لائم، ولما توفي نقل إلى بلدة تلمسان- اهـ.
وأما شيوخه فذكر هو ما ملخصه من أخذت عنه بتلمسان علماها الشامخان وعالماها الراسخان ابنا الإمام وحافظها ومفتيها عمران المشذالي ومشكاة الأنوار الأستاذ إبراهيم بن حكيم البلوي وعالم الصلحاء وصالح العلماء