على محبتكم وخدمتكم؟ من ذا الذي خدمكم من الناس يخرج على هذا الوجه؟ أستغفر اللَّه أستغفر اللَّه أستغفر اللَّه من ذنوبي، ذنوبى أعظم وربي أعلم وربي أرحم والسلام- اهـ.
وفيه دليل على قدر الرجل ومكانته دينًا ودنيا، ورأيت له في بعض المجامع ما ملخصه: ومن أشياخ والدي سيدي محمد المرشدي لقيه في ارتحالنا للشرق وحملني إليه وأنا ابن تسع عشرة سنة، فنزلنا عنده وقت صلاة الجمعة، ومن عادته أن لا يتخذ إمامًا للمسجد وحضر حينئذ من أعلام الفقهاء من لا يمكن اجتماع مثلهم في غير هذا المشهد فقرب وقت الصلاة فتشوق من حضر من الفقهاء والخطباء للتقديم، فخرج الشيخ فنظر يمينًا وشمالًا وأنا خلف والدي فوقع بصره عليّ فقال لي يا محمد تعال فقمت معه إلى موضع خلوة فباحثني في الفروض والشروط والسنن قال: فتوضأت وأخلصت النية فأعجبه وضوئي ودخل معي المسجد وقادني للمنبر وقال لي: يا محمد ارق المنبر فقلت له: يا سيدي واللَّه ما أدري ما أقول فقال لي ارقه وناولني السيف الذي يتوكأ عليه الخطيب عندهم وأنا جالس مفكر فيما أقول إذا فرغ الأذان، فلما فرغوا ناداني بصوته وقال لي: يا محمد قم وقل بسم اللَّه قال: فقمت وانطلق لساني بما لا أدري ما هو إلا أني انظر إلى الناس فينظرون إليّ ويخضعون من وعظي فأكملت الخطبة فلما نزلت قال لي: أحسنت يا محمد وقراك عندنا أن نوليك الخطابة وأن لا تخطب بخطبة غيرك ما وليت وحييت، ثم سافرنا فحججنا وأراد والدي الجوار وأمرني بالرجوع لتلمسان لأونس عمي وأمر لي بالوقوف على سيدي المرشدي هنالك فوقفت عليه وسألني عن والدي فقلت له يقبل أيديكم ويسلم عليكم، فقال لي: تقدم يا محمد واستند لهذه النخلة فإن شعيبًا يعتي أبا مدين عبد اللَّه عندها ثلاث سنين، ثم دخل خلوته زمانًا ثم خرج فأمرني بالجلوس بين يديه، ثم قال: يا محمد أبوك من أحبابنا وإخواننا إلا أنك يا محمد إلا أنك يا محمد، فكانت إشارة منه لما امتحنت به من مخالطة أهل الدنيا والتخليط، ثم قال: يا محمد أنت مشوش من جهة أبيك تتوهم أنه مريض ومن بلدك، أما أبوك فبخير وعافية وهو الآن عن يمين منبر الرسول