همته لم تفتح له طريق الغيوب الملكوتية ولا خلص له سير إلى قضاء مشاهد الوحدانية فهو مسجون بمحيطاته محصور في هيكل ذاته إلى غيرها من كلامه.
وكان يحضر السماع ليلة المولد عند السلطان وهو لا يريد ذلك، وما رأيته قط في غير مجلس العلم جالسًا مع أحد وإنما حظ من يراه الوقوف معه خاصة، وكنت إذا طلبته بالدعاء احمر وجهه واستحيا كثيرًا ثم دعا لي، وأكثر تمتعه من الدنيا بالطيب والبخور الكثير، يخدم نفسه، لم يتزوج ولم يملك أمة، ولباسه في داره مرقعة يسترها إذا خرج بثوب أخضر أو أبيض.
له تلاميذ أخيار مباركون، بلغني عن بعضهم أنه تصدق حين تاب على يده بعشرة آلاف دينار ذهبًا، وهو الآن إمام جامع القرويين وخطيبه، وأكثر قراءته في صلاة الجمعة "إذا جاء نصر اللَّه" وأكثر خطبه وعظ، ومثله يعظ الناس لاتعاظه في نفسه، أوحى اللَّه لعيسى، عليه السلام، يا عيسى عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستحصي مني، ذكره الغزالي وهو على صفة البدلاء الصادقين النبلاء، كثر اللَّه أمثاله- اهـ.
قال صاحبه الشيخ أبو زكرياء السراج في فهرسته: شيخنا الفقيه الخطيب البليغ الخاشع الخاشي الإمام المصنف السالك العارف الرباني المحقق، ذو العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة سليل الخطباء ونتيجة العلماء ابن الفقيه الواعظ الخطيب البليغ العلم الحظي الوجيه الحسيب الأصيل إبراهيم بن أبي بكر بن عباد، كان حسن الخَلق والخُلق عالي الهمة متواضعًا معظمًا عند الخاصة والعامة، نشأ ببلده رندة على أكمل طهارة وعفاف وصيانة وحفظ القرآن ابن سبع سنين ثم طلب العلوم بعده نحوًا وأدبًا وأصولًا وفروعًا حتى حصلها ورأس فيها ثم أخذ في التصوف وبحث عن الأسرار الإلهية حتى أشير إليه وتكلم في علم الأحوال والمقامات والعلل والأفات، وألف فيه تآليف عجيبة بديعة.
وله أجوبة كثيرة في مسائل العلوم نحو مجلدين ودرس كتبًا وحفظها أو جلها كالشهاب القضاعي والرسالة ومختصر ابن الحاجب وتسهيل ابن مالك