وهو على الجملة واحد عصره بالمغرب، وذكر عن قطب المعقول شرقًا وغربًا الابلي أنه كان يشير إليه يعني ابن عباد في حال قراءته عليه ويقول: إن هناك علمًا جمًّا لا يوجد عند مشاهير أهل ذلك الوقت إلا أنه لا يتكلم.
وشهد له المقطوع بولايته بتقدمه وشيوخه كسيدي سليمان اليازغي ومحمد المصمودي وسليمان بن يوسف بن عمر الأنفاسي وأمثالهم، وكان شيخه ابن عاشر يشيد بذكره ويقدمه على أصحابه ويأمرهم بالأخذ عنه والتسليم له ويقول: إنه أمة وحده لا شك أنه كذلك، كان غريبا إذ العارف غريب الهمة بعيد القصد لا يساعد على قصده.
وكان الغالب عليه الحياء من اللَّه وتنزيل نفسه منزلة أقل الحشرات لا يرى لها مزية على شيء لغلبة هيبة الجلال عليه وشهود المنة، ينظر لجميع العباد بعين الرحمة والشفقة والنصيحة، مع توفية الحقوق والوقوف مع الحدود الشرعية واعتبار مراد اللَّه، هذا دأبه مع الطائع والعاصي إلا أن يظهر له من أحد حب التكبر والمدح والتجبر على المساكين مع الدعوى التي لا تليق بالعبد.
ومن حاله تألف قلوب الصغار فهم يحبونه محبة تفوق محبة والديهم، ينتظرون خروجه للصلاة وهم عدد كثير يأتون من كل أوب من مكاتب بعيدة، فإذا رأوه تزاحموا على تقبيل يده، وكذا ملوك وقته يزدحمون عليه متذللين له فلا يحفل بذلك.
وذكر لي بعض أصحابه أن أقواله لا تشبه أفعاله لما منح من فنون الاستقامة مع حلاوة كلامه ونوره حتى استفزت عقول المشارقة بحيث صار لهم بحث عريض على تآليفه -اهـ- ملخصًا.
قلت: وقد وقفت على رسائله الكبرى والصغرى وشرح الحكم ونظمها رجزًا في ثمانمائة بيت.