وتجمل وزهد، معظمًا عند الكافة معولًا في حل المشكلات على فتح الفتاح العليم:
ومن علمه أن ليس يدعى بعالم ... ومن فقره أن لا يرى يشتكى هجرًا
ومن حاله أن غاب شاهد حاله ... فلا يدعي وصلًا ولا يشتكي هجرًا
وكتبه شاهدة بكماله علمًا وعملًا كافية في تعريفه، وكان الذي طلبه في وضع الشرح على الحكم أبو زكريا السراج، وله أكثر رسائله وأبو الربيع سليمان ابن عمر- اهـ.
وقال في موضع آخر: الفقيه العارف المحقق الخطيب البليغ، نسيج وحده من شيوخه الشريف التلمساني والابلي، مزيته معروفة شرقًا وغربًا ورأيت تأليفًا له في الإمامة سماه تحقيق العلامة في أحكام الإمامة. وقال لي شيخنا القوري، وكان معتنيًا بكتبه معولًا عليه في حاله: أظنه لوالده إبراهيم كان خطيبًا بالقصبة -اهـ- وله خطب حسنة الموقع عظيمة الفصاحة- اهـ.
وقال أبو يحيى بن السكاك: شيخي ابن عباد سرح الحكم ونظمها نظمًا بديعًا، وجمعت من انشائه رسائل تدور على الإرشاد إلى البراءة من الحول والقوة، فيها نبذ كأنفاس الأكابر مع حسن التصرف في طريق الشاذلي وجودة تنزيله على صور جزئية وبسط التعبير أقصى غاية البيان والتفنن في تقريب الغامض للأذهان بأمثلة وضعية قرب بها حقائق الشاذلية تقريبًا لم يسبق إليه، كما قرب الإمام رشد مذهب مالك تقريبًا لم يسبق إليه، آية في التحقيق بالعبودية والبراءة من حول وقوة لا يبالي بمدح ولا ذم بل مقاصده نفيسة في الاعراض عن الخلق وعدم المبالاة بهم.
وكان عظيم الاضطراب إذا حضر حيث ينسى فيه الحق لا سيما إن كان ذلك لأجله فيضيق صدره غاية على اتساعه، وقال بعض خواص أصحابه لما مات الشيخ وتبصرت من أحواله وأفعاله مما شاهدته منه ما يدل على القطع بصدّيقيته فلاح لي أن صفات رجال الرسالة القشيرية مشخصة فيه، ولو لم أره لقلت ما رأيت كمالًا.