الصالحة العتيدة، شيخ الإسلام وإمام المسلمين ومفتي الأنام ذو القدم الراسخ في كل مزلق ضيق، والرحب الواسع في حل كل مشكل مقفل، صاحب الكرامات والاستقامات، حامل لواء السنة وداحض شبه البدعة، سيف اللَّه المسلول على أهل البدع والأهواء الذائعة، الذي أفاض اللَّه تعالى على خلقه به بركته ورفع بين المرية محله ودرجته، ووسع على خليقته به نحليته.
معدن العلم وزناد الفهم وكيمياء السعادة وكنز الإفادة ابن الشيخ الفقيه العالم أبي العباس أحمد ابن الإمام العلامة الرحلة المحدث الكبير الخطيب الشهير محمد شمس الدين ابن الشيخ العالم الولي الصالح المجاور أبي العباس أحمد ابن الفقيه الولي الصالح الخاشع محمد ابن الولي الكبير ذي الأحوال الصالحة والكرامات محمد بن أبي بكر بن مرزوق.
كان -رحمه اللَّه- آية اللَّه في تحقيق العلوم والاطلاع المفرط على النقول والقيام الأكمل على الفنون بأسرها.
أما الفقه فهو فيه مالك، ولأزمة فروعه حائز ومالك، فلو رآه الإمام لقال له: تقدم فلك العهد والولاية وتكلم فمنك يسمع فقهي لا محالة أو ابن القاسم لأقر به عينًا وقال له: طالما دفعت عن المذهب عيبًا وشيئًا، أو أدرك الإمام المازري لكان من أقرانه الذي معه يجاري أو الحافظ ابن رشد لقال له: هلم يا حافظ الرشد، أو اللخمي لأبصر منه محاسن التبصرة، أو القرافي لاستفاد من قواعده المقررة.
إلى ما انضم لذلك من معرفة التفسير ودرره والاطلاع بحقائق التأويل وغرره، فلو رآه مجاهد لعلم أنه في علوم القرآن العزيز مجاهد، أو لاقاه مقاتل لقال: تقدم أيها المقاتل، أو الزمخشري لعلم أنه كشف النكت على الحقيقة وقال لكتابه: تنح لهذا الحبر عن سلوك تلك الطريقة، أو ابن عطية لعلم كم للَّه تعالى من فضل وعطية، أو أبو حيان لاختفى منه إن أمكنه في نهره ولم تسل له نقطة من بحره.
إلى الإحاطة بالحديث وفنونه وحفظ رواياته ومعرفة متونه، ونظم أنواعه