الصالح العارف القطب، صاحب الكرامات والأحوال البديعة والقصائد الرائقة الأنيقة.
قال أبو عبد اللَّه بن صعد في النجم الثاقب: كان سيدي إبراهيم من الأولياء الزاهدين والعبّاد الصالحين، إمامًا في علوم القرآن، مقدّمًا في علم اللسان، حافظًا للحديث، بصيرًا بالفقه وأصوله، من أهل المعرفة التامة بأصول الدين، إمامًا من أئمة المسلمين. وقفت على كثير من تقاييده في الفقه والأصول وعلم الحديث بخطه الرائق. من أهل الحفظ العظيم، معروفًا بجودة النظر والفهم الثاقب، جامعًا لمحاسن العلماء، ممتعًا بآداب الأولياء، لا نظير له في كمال العقل، ومتانة الحكم، والتمكن في المعارف، وبلوغ الدرجة العليا في حسن الخلق وجميل العشرة، والمعرفة بأقدار الناس والقيام بحقوقهم، وحسبك من جلالته وسعادته أن المثل ضرب بعقله وحلمه، واشتهر في الآفاق ذكر فضله وعلمه حتى الآن، إذا بالغ أحد في وصف رجل قال: كأنه سيدي إبراهيم التازي، وإذا امتلأ أحدهم غيظًا قال: لو كنت في منزلة سيدي إبراهيم التازي ما صبرىت لهذا، لما كان يتحمله من إذاية الخلق، والصبر على المكاره، واصطناع المعروف للناس، والمداراة، فهو أحد من أظهره اللَّه لهداية خلقه، وأقامه داعيًا لبسط كراماته، مجللًا برداء المحبة والمهابة، مع ما له من القبول في قلوب الخاصة والعامة، فدعاهم إلى اللَّه ببصيرة، وأرشدهم لعبوديته بعقائد التوحيد ووظائف الأذكار.
كان أحسن الناس صوتًا، وأنداهم قراءة، آية في فصاحة اللسان والتجويد، ذكر أنه أيام مجاورته إذا قرأ البخاري أو غيره انحشر الناس إليه لحسن قراءته وجودته، وصلى الأشفاع هناك في رمضان بالناس لحسن تلاوته وطلاوة حلاوته.
وأصله من بني لنت قبيلة من بربر تازا، وشهر بالتازي لولادته بها، وقرأ بها القرآن على العالم الصالح الولي العارف أبي زكريا يحيى الوازعي، وكان هذا الشيخ يعتني به على صغر سنه، ويقول لأقرانه: هذا سيدكم وصالحكم. وما زال على حاله الحسنة، ونشأته الصالحة، وهديه القويم، إلى أن رحل