وحضر عليه شيخنا الخونجي ولازم مع ذلك الإقراء فحصل له علوم حتى صار في آخرة الحال شيخ وقته في الفنون لا نظير له.
لازمته أكثر من عشر سنين فقرأت عليه بلفظي مختصر خليل وفرعي ابن الحاجب قراءة بحث وتحقيق وتحرير ختمتها عليه، أما خليل فمرارًا عديدة نحو عشر مرات أو ثمان بقراءتي وقراءة غيري، وحضرت عليه التوضيح كذلك لم يفتني منه إلا اليسير من الوديعة إلى الأقضية عليه وختمت عليه الموطأ قراءة تفهم، وحضرته كثيرًا في المنتقى والمدونة بشرح المحلي ثلاث مرات وألفية العراقي في علم الحديث مع شرحهما، وحضرتهما عليه مرة أخرى وختمت عليه تلخيص المفتاح مرتين وبعض الثالث بمختصر السعد وصغرى السنوسي مع شرح الجزيرية وحضرت عليه الكبرى وشرحها وقرأت عليه حكم ابن عطاء اللَّه مع شرح زروق عليه ونظم أبي مقرعة والهاشمية في التنجيم مع شرحها ومقدمة التاجوري فيه ورجز الغيلي في المنطق والخزرجية في العروض بشرح الشريف والدماميني وكثيرًا من تحفة الحكام لابن عاصم في الأحكام مع شرح ولده عليها، وسمعت بقراءته هو كثيرًا من البخاري ومسلمًا كله ودولًا من مدخل ابن الحاج وبقراءة غيري دروسًا من الرسالة والألفية وغيرها.
وسمعت بلفظه جامع معيار الونشريسي كاملًا وهو مجلد كبير ومواضع أخر منه وباحثته كثيرًا في المشكلات وراجعته طويلًا في المهمات.
وبالجملة فهو شيخي وأستاذي ما انتفعت بأحد انتفاعي به وبكتبه، رحمه اللَّه ونفعه، وأجازني جميع ما يجوز له وعنه وكتب لي بخطه في ذلك وأوقفته على بعض تآليفي وتقاييدي فكتب لي بخطه الثناء والموافقة بل كتب عني أشياء من أبحاثي لحسن نيته، وسمعته ينقل في دروسه بعضها لإنصافه وتواضعه وقبوله الحق حيث تعين.
وكان حاضرًا معنا يوم الكائنة العظمى علينا بتنبكت فنجاه اللَّه تعالى، فكان آخر عهدي به، ثم بلغني وفاته بها يوم الجمعة من شوال في عام اثنين. وألف، رحمه اللَّه تعالى، وأخبرني أن مولده سنة ثلاثين وتسعمائة، وله تعاليق