خروجه في صبحها بسجدة قائلًا فيها: اللهم عليك بابن دبوس فأصبح ميتًا، ولما أفتى الفقهاء بحرق الاحياء فأحرق في صحن مراكش، ووصل كتاب سلطان لمتون بذلك وتحليف الناس بمغلظ اليمن أن ليس عندهم الاحياء انتصر وكتب للسلطان وأفتى بعدم لزوم تلك الأيمان ونسخ الاحياء ثلاثين جزء يقوم كل يوم في رمضان بنسخ جزء قائلًا: وددت أني لم أنظر في عمري سواه.
وكان إذا تأخر ما يأتيه من بلده دعا بدعاء الخضر: اللهم كما لطفت في عظمتك دون اللطفاء الخ، فيفرج عنه، وشكا إليه بعض أهله الضيق من فراره من ظالم بلده ورغبة في رفع الأمر للظالم ليأذن له بالرجوع فقال: سأفعل، وتضرع للَّه تعالى في تهجده فقال:
لبستُ ثوبَ الرَّجا والناسُ قد رَقَدُوا ... وقمتُ أشكو إلى مولاي ما أَجِدُ
وقلتُ يا سيِّدي يا منتهى أملي ... يا من عليه بكشفِ الضُّرِّ أعتمدُ
أَشكو إليكَ أمورًا أنتَ تعلمها ... ما لي على حملهَا صبرٌ ولا جَلَدُ
وقد مددتُ يدي للضُرِّ مشتكيًا ... إليك يا خيرَ من مُدَّتْ إليه يَدُ
ونظم منفرجته، وأعاد أهله السؤال فقال: بلغ الأمر أهله وسترى، فعن يسير ورد الكتاب من توزر بالتلطف للشيخ ورغبته أن يرجع فقال للسائل قضيت الحاجة ورأى الباغي في نومه فارسًا يحمل عليه بيده حربة من نار، فتنبه مذعورًا ويتعوذ ثم ينام ويعاوده إلى أن قال: إنما يتعوذ من الشيطان وأنا ملك ومالك وللعبد الصالح.
قال الشيخ أبو القاسم بن الملجوم الفاسي: ورد أبو الفضل فاسًا فلزمه أبي وحفظ لمع الشيرازي عام أربعة وتسعين وأربعمائة وسافر منها للقلعة فأخذ نفسه بالتقشف ولبس خشن الصوف، وكانت جبته إلى ركبته فمر يومًا بالفقيه أبي عبد اللَّه بن عصمة المفتي فلا يسلم عليه لشغل باله فعظم علمه فلما رجع ناداه محقرًا يا يوسف فجاءه فقال له: يا توزري صفرت وجهك ورققت ساقيك وصرت تمر ولا تسلم فاعتذر فلم يقبل وأغلظ له في القول فقال: غفر اللَّه لك يا فقيه يا أبا محمد فانصرف، وكان مجاب الدعوة حتى يقال: نعوذ