وفاق في علم الحساب والهيئة وتوابعها، واشتهر بتحقيق علم الفلك وتدقيقه في عصره فما بعد، وألّف فيه التّآليف البديعة، منها «الجدول» المشهور الّذي اختصره تلميذه العلّامة السّيّد عبد الرّحمن الزّواويّ المالكيّ، وعليه عمل النّاس اليوم، ومنها «مدّ الشّبك لصيد علم الفلك» و «سلّم العروج في المنازل والبروج» وغير ذلك، وضبط هذا الفنّ ضبطا عجيبا، وجعل له أوضاعا غريبة، سهّل فيها مأخذه، وقرّب طريقه، واستدرك على من تقدّمه أشياء، فصار مرجعا في هذه الفنون، وعلى كتبه المعوّل، وأقرأ جميع الفنون جمعا من الفضلاء أنبلهم الشّيخ محمّد بن فيروز، وأخبر عنه بعجائب منها: أنّه قال:
قال لي عند موته: في صدري أربعة عشر علما لم أسأل عن مسألة منها قبلك والّذي ظهر لي أنّه يعني غير الفقه والحديث والعربيّة والفلك؛ لأنّ هذه العلوم قد أخذها عنه خلق كثير قبلي ومعي.
قال: وشرح «الغاية» في الفقه مبتدئا من كتاب البيع، فوصل فيه إلى الصّلح، حقّق فيه ودقّق، وكان شخص من أقاربه يقرأ عليه من رفقة له في «قواعد الإعراب» فلمّا خرج قال لبعض الطّلبة: لم يزدنا الشّيخ على ما في الشّرح؟ فنقلت هذه الكلمة إلى الشّيخ/ فلمّا كان من الغد، وحضر الطّلبة قال الشّيخ لذلك الشّخص: اقرأ الدّرس الماضي فقرأه وشرع الشّيخ في التّقرير بأبلغ عبارة، وأوسع نقل إلى الضّحوة، ثمّ قال لذلك التّلميذ: ما فهمت من هذا؟ فقال: لم أفهم شيئا منه، فقال: لهذا: لم أزدك على ما في الشّرح، وكان عالما، عاملا، فاضلا، كاملا، محقّقا، ماهرا.