للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خليفته من بعده، وكان يؤثر الخمول عن الظّهور، إلى أن أراد الله سبحانه ظهوره لمّا حبس الغيث عن دمشق سنة ١٠٧٠، واستسقى أهلها مرّات فلم يمطروا، وكان شيخنا- رحمه الله تعالى- لا يخرج معهم هضما لنفسه، فأنطق الله بعض المجاذيب بأنّكم إن أردتم الغيث فاستسقوا بالعبّاسيّ، فأمره نائب الشّام بالخروج إلى الاستسقاء بهم، فخرج- وهو في غاية الخجل- وقال:

اللهمّ إنّ هؤلاء عبادك قد أحسنوا الظّنّ بي فلا تفضحني بينهم، فأغيثوا من ساعتهم، وما رجعوا إلى البلد إلّا بمشقّة من كثرة المطر، واستمر المطر ثلاثة أيّام، فاشتهر عند ذلك، ولم يمكنه أن يكتم أمره، وأكبّ عليه المريدون وتسلّك به من أهل الطّريق الصّالحون، وانتفع به الجمّ الغفير الّذي لا يمكن حصره، وأعطاهم الله تعالى حسن السّمت والقبول، ونوّرها لهم ببركته ودعائه وقد وفّقني الله تعالى للأخذ عنه، والتّبرّك بدعواته، وكان يتحفني بإمداداته الباطنة، ثمّ انقطع عن النّاس، وكان لا يقبل من الحكّام هديّة، ولا يتردّد إليهم، وكراماته كثيرة مشهورة، منها: أنّ بعض المجاورين بمكّة من أهل دمشق رآه يصلّي الأوقات الخمسة بالمسجد الحرام بالمقام الحنبليّ وهو بالشّام (١). وكانت وفاته سنة ١٠٧٦ عن سنّ عالية، ودفن بباب الفراديس، وقبره معروف يزار.


(١) انظر: التعليق على الترجمتين رقم ٥، ٣٧.
وهذه الكرامة- زعموا- تكثر دعواها، وهي خبال يلقيه الشيطان في نفوس بعض المسلمين ليضلهم عن السبيل، وقد اشتد نكير العلماء على مثل هذه الدعوى ومدعيها. والله المستعان.