للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطّويل الشّافعي، وقاضي القضاة عبد البرّ بن الشّحنة، وقاضي القضاة المالكي، وشيخ الإسلام جمال الدّين العبّادي، هرع إليهم جماعة للأخذ عنهم؛ لعلوّ أسانيدهم. ثمّ ترك القضاء في الدّولة العثمانيّة وأقبل على العبادة والاشتغال في آخر عمره حتّى كأنّه لم يشتغل بعلم قطّ، مع أنّه انتهت إليه الرّئاسة في تحقيق نقول مذهبه، وفي علوّ السّند في الحديث، وفي علم الطّبّ والمعقولات، وكان في أوّل عمره ينكر على الصّوفيّة، ولمّا اجتمع بسيّدي علي الخوّاص وغيره أذعن لهم، واعتقدهم، وصار بعد ذلك يتأسّف على عدم اجتماعه بالقوم من أوّل عمره (١)، ثمّ فتح عليه في الطّريق، وصار له كشف عظيم قبل موته، وصلّى عليه صلاة الغائب بدمشق يوم عيد الأضحى وعلى الشّيخ شمس الدّين الدّيروطي وعلى الشّيخ شمس الدّين الصّهنوي جميعا.

قال الشّعراوي (٢): وهو آخر مشايخ الإسلام من أولاد العرب انقراضا.

قلت: هذا جار على اصطلاحهم في زمن الجراكسة من تلقيب كلّ من ولي


(١) ومن هنا نهى علماء السّلف عن كثرة مجالسة المبتدعة، كما نهوا عن قراءة كتبهم واقتنائها إلا على سبيل فهمها للردّ عليها من قبل الحذاق الذين لا يخاف عليهم الانزلاق. وانظر التعليق رقم ١ على الترجمة رقم ٥.
(٢) لم أبح لنفسي الرّجوع إلى «طبقات الشّعراني» مع أنه ترجم للمذكور ونقل عنه صاحبنا ابن حميد- عفا الله عنه- لما تضمّنه الكتاب من تجاوزات شرعيّة، وإغراق في نقل خرافات لا تمّت إلى العلم بصلة مما جعلني أغفل ذكره وإن نقل أشياء لا علاقة لها بهذه التّجاوزات؛ لأنّ في كتب المحقّقين من أهل العلم ما يغني عنه وعن أمثاله من الكتب المحشوة بالخرافات. والشّعراني والشّعراوي واحد.