للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

«صحيح البخاري» و «السّيرة» لابن هشام، وكذا أذن له من قبله الشّرف ابن مفلح، وحجّ سنة ٣٣، ورجع إلى بلده فأقام بها يسيرا، ثمّ قدم إلى دمشق فاستوطنها، وأخذ العربيّة عن القطب اليونيني وغيره، والمعاني والبيان عن جماعة من الدّمشقيّين والقادمين إليها؛ منهم: يوسف الرّومي، والأصول عن البدر العصياتي، والمنطق عن الشّريف الجرجاني، وتلا القرآن تجويدا على إبراهيم بن صدقة، وقرأ على الشّمس بن ناصر الدّين «منظومته» في علوم الحديث و «شرحها» وأخذ اليسير عن شيخنا، وسمع في «مسند إمامه» على ابن ناظر الصّاحبة، وكذا سمع على غيره، ولزم الإقبال على العلوم حتّى تفنّن، وصار متبحّرا في الفقه وأصوله، والتّفسير، والتّصوّف والفرائض/، والعربيّة، والمنطق، والمعاني، والبيان، مشاركا في أكثر الفضائل، مع الذّكاء المفرط، واستقامة الفهم، وقوّة الحفظ، والفصاحة والطّلاقة، فحينئذ عكف عليه الطّلبة، وأقبلوا بكلّيتهم إليه، وانتدب لإقرائهم حتّى كثرت تلامذته، ونبغ منهم غير واحد، وأحيا الله به هذا المذهب بدمشق، ووعظ النّاس بجامع الحنابلة وغيره، فانتفع به الخاصّ والعامّ، كلّ ذلك مع الدّين المتين، والورع الثّخين، ومزيد التّقشّف، والتّواضع، والزّهد، والورع، والعفاف، والتّحرّي في الطّهارة وغيرها، والمثابرة على أنواع الخير كالصّوم والتّهجّد، والحرص على الانقطاع، والخمول، وعدم الشّهرة، وعزارة المروءة، والإيثار، والتّصدّق مع الحاجة، والإعراض عن بني الدّنيا جملة، وعن وظائف الفقهاء بالكليّة، والتّكسّب بالحياكة غالبا، والتّودّد للطّلبة، بل وإلى سائر الفقراء، حتّى صار منقطع القرين، واشتهر اسمه، وبعد صيته، وصار لأهل مذهبه به مزيد فخر،