واتخذت في أهبة السّفر بحيث ما بقي إلّا أن أمشي، وإذا ببعض أصحابنا من العلماء الذين يجالسون الشّريف قد أتوا إلىّ وقالوا: قد جرى اليوم عند الشّريف ذكر المقام الحنبليّ، وأنّ إمامه الذي يباشره الآن ضعف وعجز عن النّهوض، وأنه ليس من يسدّ بدله إلّا فلان، وهو عازم على السّفر يعنون الحقير، وإذا بالشّريف قد أرسله إلي، فامتنعت عن ذلك لعلمي بأنّى لست أهلا، ولكوني قد عزمت على السّفر، فأشار الحاضرون بترك السّفر والالتزام بهذا الأمر، ولا سيما شيخنا أحمد الدّمياطي، وصاحبنا حسين مفتى المالكية، فإنّهما ألحا على الحقير وبالغا في ذلك، وإذا بالشّيخ حسين قد أتى من الغد ومعه تقرير من الشّريف كما جرت به العادة، وصورته- بعد الصدر-:
«إننا قد قررنا ونصّبنا فلان بن فلان في المقام الحنبلي فلا يعارضه في ذلك معارض ولا ينازعه منازع … إلى آخره».
فاستخرت الله- سبحانه وتعالى- وعزمت على الإقامة إلى أن يوافى الإنسان حمامه فيها، وأرجو أنه عين الخير دنيا وأخرى، وحال التأريخ برز أمر من سيّدنا الشّريف أن كل أهل مذهب يقرءون على أعلم من يوجد منهم، وعين للحنفية عالم منهم يقال له:
الشيخ محمد الكتبي، وللشّافعية شيخنا أحمد الدّمياطي، والمالكية الشيخ حسين، وقالوا للحقير في جمادى ١٢٦٤ هـ».
هذا نص واضح في توليه المقام والتّدريس. ونقل الشيخ عبد الله مرداد في كتابه «نشر النّور والزّهر»(الأصل) وكانت الفتوى