للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكرمه، مع تكسّبه بالتّجارة على الوجه المرضي والاحتياط التّامّ، وكان له ثروة ومكارم، قلّ أن يخلو بيته يوما واحدا من أضياف أو طلبة علم من الغرباء، ويطعمهم الأطعمة النّفيسة، مع تمام البشاشة، وحسن الملاقاة والنّورانيّة، وهو من بيت فضل، ورئاسة، وعلم، وسؤدد، له حرص تامّ على التّعليم، لا يقطع الدّرس إلّا لعذر أكيد، وله نصيب وافر من التّصوّف (١)، ومشرب رويّ، صاحب عبادات وأذكار وأوراد، وصنّف «شرح زوائد الغاية»، وتعقّب الشّرّاح ومنهم شيخه (٢)، وحقّق، ودقّق، ووسّع العبارة، فجاء في مجلّد حافل وهو يدلّ على دقّة نظره، وسداد فهمه وفقهه، وله أيضا «مختصر شرح عقيدة السّفّاريني» في نحو ثلثها، و «شرح الإظهار» في النّحو، و «مولد نبويّ»، ورسائل في مسائل عديدة، وخطّه ظريف منمّق.

توفّي رابع عشر جمادى الآخرة سنة ١٢٧٤، ودفن بسفح قاسيون بقرب الشّيخ الموفّق، وكان يوما غزير المطر، وشيّعه أعيان دمشق، وغالب الطّلبة، وخلق من سائر النّاس، ولم يمنعهم المطرّ ولا بعد المسافة من دمشق إلى


(١) لو سلم من التّصوّف لكان أسلم، فمعتقداتهم- في أغلبها- من الابتداع في الدّين، والبعد عن طريق سلف الأمة الصّالحين، بعيدة من الهدي النّبويّ، والتّوجيه الرّباني سالكة سبيل الهوى بعيدة عن منهج الله (فمن أظلم ممّن اتّبع هواه بغير علم) وأغلب أوليائهم وكبار أقطابهم من الجهلة وناقصي العقول. ويعتبرون تخبيطهم وحيا لا تجوز مخالفته والذي نقوله: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ اللهمّ إنا نسألك حسن التّمسك بكتابك الكريم، ومتابعة سنة نبيك صلّى الله عليه وسلّم ومحبّته ظاهرا وباطنا قولا وعملا.
وانظر أول تعليق على الترجمة رقم: ٥.
(٢) يقصد به شيخه: الرّحيباني واسمه: «منحة مولى الفتح في تجريد زوائد الغاية والشّرح».