القرآن، و «المحرّر» في الفقه، وغيرهما، واشتغل ببلده، وبرع، وشارك في الفنون، وناب في الحكم بها، وسمع على عبد القادر المدنيّ الحنبليّ (١)«البخاري»، و «مسند الإمام أحمد» بأفوات فيهما، وقدم القاهرة سنة ١٤، وتفقّه أيضا بقاضي الحنابلة قريبه الموفّق، وناصر الدّين الكنانيّ، والعلاء بن محمّد، وعليه قرأ «عمدة الأحكام» فلمّا مات الموفّق أحمد بن نصر الله سنة ٨٠٣ طلب أهل الدّولة من يصلح للقضاء بعده وصار بالقاهرة مع العلاء بن اللّحّام، فصار كلّ منهما يعترف بعجزه وصلاحيّة الآخر إلى أن اختير المجد، فأقام قاضيا نحو خمس عشرة سنة، حجّ في غضونها، وكان النّاصر فرج يعتمد عليه لكونه وصف عنده بالجودة والأمانة، بحيث إنّه جهّزه مرّة إلى الصّعيد مع الوزير سعد الدّين البشيريّ للحوطة على تركة أمير عرب هوارة محمّد بن عمر ممّا كان اللائق به التّنزّه عنه، لكنّه كان يعتذر عن إجابته بقصد التّخفيف عن ورثته، وإنّه توفّر لهم بسبب ذلك شيء لولا وجوده نهبت، وكذلك ندبه لغيره، ثمّ صرفه المؤيّد بالعلاء بن المغلي، وأضيف إليه ما كان مع المجد من التّدريس، فقدّر- بعد أيّام قليلة- شغور تدريس الجماليّة الجديدة بموت أبي الفتح الباهي فقرّره السّلطان فيه، فباشره هو وتدريس أمّ السّلطان بالنّيابة، والمدرسة الحسنيّة، حتّى مات في ذي القعدة سنة ٨٢٦ خاملا، وقد أقعد وتعطّل وحصّل له فالج ونحوه تغيّر به، وخلّف عدّة أولاد صغار أسنّهم مراهق، وهو محمّد الآتي. ذكره شيخنا في «إنبائه»، و «رفع الإصر»، وابن خطيب النّاصريّة.
(١) عبد القادر المدنيّ الحنبليّ هذا لم يذكره المؤلّف. ولم أقف على أخباره بعد.