والحياء، وكثرة الخشوع، ولطف المزاح، وحسن النّادرة والفكاهة، وسلامة الصّدر، ومزيد التّواضع، وقلّة الكلام، وعذوبة المنطق، وعدم التّكلّف، والمثابرة على التّلاوة، والتّهجّد والعبادة، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والمحبّة الزّائدة للعلم، والرّغبة في مطالعته، واقتناء كتبه، بحيث اجتمع له من الأصول الحسان ما انفرد به عن أهل بلده، وصار عديم النّظير في معناه، حسنة من حسنات الدّهر، وانتفع النّاس به في المواعظ وغيرها، وأحبّه النّاس الخاصّ والعامّ، وكثر أتباعه واشتهر ذكره، وبعد صيته، ومع ذلك فعودي وأوذي، ولم تسمع منه كلمة سوء في جدّ ولا هزل، وجاور بمكّة عودا على بدء، وأخذ عنه الأكابر من أهلها، ووعظ حتّى في داخل البيت الحرام، وكان يزدحم عليه الخلق هناك، وحدّثني المحيويّ عبد القادر المالكي- وهو ممّن أخذ عنه- بكثير من كراماته، وبديع إشاراته. وقال البقاعيّ: اشتغل في غالب العلوم النّافعة حتّى فاق فيها، وله في التّفسير عمل كثير ويد طولى، وكذا عظّمه التّقيّ ابن قندس، ثمّ تلميذه العلاء المرداويّ، ووصفه بالإمام شيخ الإسلام، العالم، العامل، العلّامة، الورع، الزّاهد، الرّبّانيّ، المفسّر، المحدّث، الأصوليّ النّحويّ/ الفقيه المحقّق. وقال غيره: انتفع به خلق، وله مقالات مع المبتدعين بتثبيت أصول الدّين، وترجمته قابلة للبسط وذكره المقريزيّ في «عقوده» وأنّه تخرّج بالشّهاب ابن حجّي وتبتّل للعبادة، وتصدّى للوعظ، وبرع في التّفسير، وكثر استحضاره له، وصار له أتباع وعودي وأوذي، وجاور بمكّة مرّتين، ووعظ في جوف البيت، وكان يزدحم عليه الخلق هناك ويحصل بكلامه صدع في القلب مع الفوائد الجليلة