للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسعى في العود لدمشق فأجيب واستمرّ فيه إلى أن مات كما قاله شيخنا في «رفع الإصر» ولكنّه قال في «إنبائه» مات بها منفصلا عن القضاء، وبه جزم غيره، وكان ذلك في مستهلّ ذي الحجّة سنة ٨٤٦، ودفن بمقبرة باب كيسان.

وكان فقيها، متقشّفا، طارحا للتّكلّف في ملبسه ومركبه، بحيث يردف عبده معه على بغلته، ويتعاطى شراء حوائجه بنفسه ماشيا، وتنقل عنه أشياء مضحكة، توسّع في حكايتها كحمله السّمك في كمّه وهو في قرطاس وحضوره كذلك للتّدريس، وغفلته عن ذلك بحيث ضرب القطّ على كمّه فانتثر ما فيه، كلّ ذلك؛ لكثرة دهائه ومكره وحيله، وكونه عجبا في بني آدم، ولكنّه لمّا أكثر من ذلك علم صنيعه عنه، وهان على الأعين بسببه.

وقد اختصر «المغني» لابن قدامة في أربع مجلّدات، وضمّ إليه مسائل من «المنتقى» لابن تيميّة وغيره سمّاه: «الخلاصة» وشرح الخرقيّ في مجلّدين، واختصر «الطّوفيّ» في الأصول، وعمل «عمدة النّاسك في معرفة المناسك» و «مسلك البررة في معرفة القراءات العشرة» و «بديع المعاني في علم البيان والمعاني» و «جنّة السّائرين الأبرار وجنّة المتوكّلين الأخيار» يشتمل على تفسير آيات الصّبر والتّوكّل في مجلّد، و «القمر المنير في أحاديث البشير النّذير» و «شرح الجرجانيّة» (١) وغير ذلك، وكان رقيقا معتدل القامة، ذا لحية


(١) «الجرجانيّة» هي كتاب «الجمل» لعبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني الإمام المشهور صاحب «دلائل الإعجاز» و «أسر البلاغة» وغيرهما وإنما سميت الجمل الجرجانية للتفرقة بينها وبين «الجمل» للإمام المشهور عبد الرّحمن بن إسحاق الزّجاجي، وهذه أعرف وأشهر.
وكلاهما مطبوعان. ولا أعلم لشرح الشيخ المذكور الآن وجودا.