للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بها فليس في شيء من الإصابة، وكان يساعدني على ذلك والسّلوك في هذه المسالك أن شيخنا ومولانا العارف بالله تعالى مربّي المريدين قدوة السّالكين العارفين شهاب الدّين أبا العبّاس أحمد الحريفي الزّنيدي الشّافعيّ لقّنني الذّكر، وألبسني الخرقة (١)، وسلكت في خدمته في تلك الطّريقة في باكورة الشّباب، وانتفعت به وببركاته، ولزمته إلى وفاته، وكان له بي وبوالدي كبير الإلمام، ولنا به مجاورة وصحبة، فغلّب على جانب الميل إلى الاشتغال، وأعرضت بالكلّيّة عمّا سواه من الأعمال، إلّا في بعض التّجارة بحالة لا تشغلني عن مطلبي، ولا تعوقني عن مقصدي ومذهبي، وحججت مع والدي في بعض السّنين أعواما متعدّدة، مساعدا له حالة الأسفار لا لطلب الفائدة، فإنّما كنت أنوي الحجّ والزّيارة، وأتسبّب مع ذلك في بعض التّجارة، إلى أن كانت سنة ٩٤٠ وتولّى إمرة الحجّ سليمان الكيخيا بخدمته وطلبني وألزمني بالكتابة سفرا وحضرا مع الوالد، وكان ذلك من أجل بغيته والمقاصد، فباشرت معهم على كره مخالطتهم إلى أن توفّي الوالد في ذي القعدة سنة ٩٤٤، بعد انقطاعه متمرّضا بمرض الفالج أسكنه الله تعالى أعلى غرف الجنّة، فمكثت بعده كالمحبوس على أمر هذا الدّيوان، ملزوما به في كلّ وقت وأوان، مخاطبا به من جانب السّلطنة في سائر مهمّاته، مجانبا لما يفعله أهل الزّمان من زيف الحساب ودسائسه وترّهاته، فباشرته بعفّة وصيانة، ونزاهة وديانة، وحذوت حذو الوالد، فإنّه هو الّذي أسّس قواعده، وشيّد معاهده، مع القيام فيما فيه


(١) لبس الخرقة من بدع الصّوفية، وقد تقدم التعليق على مثل هذا في الترجمة رقم: (٥، ٣٧).