ولازمه ملازمة تامّة في الفقه وأصوله، والحديث وغيرهما، وأخذ النّحو عن البرهان بن حجّاج الأنباسيّ وغيره، وقرأ عليه في «الرّضيّ» وغيره، بل كان انتفاعه فيه أوّلا بالشّمس البوصيري، وحضر دروس القاياتي في «العضد» وغيره، وكذا لازم الوفائيّ وابن الدّيريّ وشيخنا وقرأ «صحيح مسلم» على الزّين الزّركشيّ وتنزّل في صوفيّة الحنابلة في المؤيّديّة أوّل ما فتحت بتعيين شيخهم العزّ البغداديّ، وسئل حين عرض الجماعة بين يدي واقفها عن كتابه فقال:
«الخرقيّ»، ويقال: إنّه لمّا امتحن بحضرة الواقف بقراءة باب الخيار وقف فقال الواقف: إنّه لا يعرف الخيار ولا الفقّوس، ولمّا تنبّه استنابه شيخه المحبّ في القضاء، ثمّ استقرّ في تدريس الحنابلة بالفخريّة بين السّورين، عوضا عن العزّ المذكور وفي إفتاء دار العدل بعد الشّرف بن البدر قاضي الحنابلة بتعيين والده، وفي الخطابة الزّينيّة أوّل ما فتحت، وصار أحد أعيان مذهبه وتصدّى بعد شيخه للتّدريس والإفتاء والأحكام، وأخذ عنه الفضلاء، خصوصا في العربيّة، وكنت ممّن حضر عنده فيها دروسا، وسمعته يقول: إنّما تمهّرت في العربيّة بقراءة البخاري، وتنزيل ما أقرأه على الاصطلاح، وفي الفقه بمطالعة الرّافعي، وسمعت منه فوائده ومباحثه، وسمع هو بقراءتي على شيخنا وغيره، وكذا أسمع ومعه أكبر بنيه على ابن ناظر الصّاحبة، وابن الطّحّان، وابن بردس، وكان خيّرا، حريصا على الجماعات، مديما للمطالعة، بارعا في العربيّة والفقه، مشاركا في غيرهما، مفوّها، فصيحا، مقداما، محمودا في قضائه وديانته، مع علوّ الهمّة والقيام مع من يقصده، وسلامة الصّدر، وقد حجّ مرّتين، وزار بيت المقدس، ودخل الشّام وغيرها،