للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسجد القدم (١) بآخر أرض القبيبات ظاهر دمشق، يؤدّب الأطفال احتسابا مع اعتنائه بتحصيل نفائس الكتب، وبالجمع حتّى إنّه رتّب «المسند» على أبواب «البخاري» وسمّاه «الكواكب الدّراريّ في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري» وشرحه في مائة وعشرين مجلّدا (٢) طريقته فيه أنّه إذا جاء لحديث الإفك مثلا يأخذ نسخة من شرحه للقاضي عياض مثلا فيضعها بتمامها، وإذا مرّت به مسألة فيها تصنيف مفرد لابن القيّم أو شيخه ابن تيميّة أو غيرهما وضعه بتمامه، ويستوفي ذلك الباب من «المغني» لابن قدامة ونحوه، كلّ ذلك مع الزّهد والورع اللّذين صار فيهما منقطع القرين، والتّبتّل للعبادة، ومزيد الإقبال عليها، والتّقلّل من الدّنيا بما يسدّ رمقه ممّا تكسبه يداه في نسج العبيّ، والاقتصار على عباءة يلبسها، والإقبال على ما يعينه/ حتّى صار قدوة، وحدّث، وسمع منه الفضلاء، وقرأ عليه شرحه المشار إليه في أيّام الجمع بعد الصّلاة بجامع بني أميّة، ولم يسلم مع هذا كلّه من طاعن في علاه، ظاعن عن حماة، بل حصلت له شدائد ومحن كثيرة، كلّها في الله، وهو صابر محتسب، حتّى مات، وقد ذكره شيخنا في «إنبائه». فقال: إنّه كان زاهدا، عابدا، قانتا، خيّرا، لا يقبل لأحد شيئا، ولا يأكل إلّا من كسب يده،


(١) «ثمار المقاصد»: (١٢٩)، قال: «الخامس والسّتون مسجد القدم بقرب عاليه وعويله، قديم جدّده أبو البركات محمد بن الحسن بن طاهر … ».
ويراجع: «الدّارس»: (٢/ ٣٦٢).
(٢) أغلب أجزائه موجود وهي مفرقة في مكتبات كثيرة أغلبها في الظّاهرية، وما ذكر له من المؤلّفات هي في الغالب- منتزعة منه.