والمنكوتمريّة، وناب في القضاء عن شيخه العزّ، وامتنع عن التّعاطي على الأحكام، وأقرأ الطّلبة، وكذا أفتى خصوصا بعد وفاة النّور الشّيشينيّ، وكان فاضلا، ذكيّا، مستحضرا لكثير من فروع المذهب، ذائقا للأدب، حريصا على التّصميم في الأحكام، وإظهار الصّلابة، وتحرير العدل، مع قوّة نفس، وإقدام، وإظهار تجمّل، مع تقلّل واحتشام، ولطف عشرة، وتواضع، وميل للمماجنة مع من يختاره، وقد حجّ، وجاور بمكّة بعض سنة، وكتب عنه صاحبنا ابن فهد من نظمه يسيرا.
مات في عاشر شوّال سنة ٨٧٢، وصلّى عليه في مشهد حسن، ودفن بحوش البغاددة بتربة السّلامي بالقرب من ضريح المحبّ بن نصر الله، وأثنى النّاس عليه جميلا، وأظهروا العزاء والتّأسّف على فقده، وممّا أنشدني من نّظمه محبوك الطّرفين.
ووصل الّذي أهواه من بعد بعده … وساقي مع ساقيه لمّا أن التووا
ووجنته مع ثغره وعذاره … وطرّته مع مقلتيه وما حووا
وودّي ولهفي لا سلوت ولا سلا … فؤادي ولبّي والحشا عامدا شووا