وقد نشطت المباحث اللغوية في هذا العصر نشاطاً كبيراً ويكفي للدلالة على ذلك أن نشير إلى ما كتبه الإمام أبو القاسم السهيلي المالقي نزيل مراكش ودفينها من التحقيقات البالغة الأهمية في هذا الصدد، وخاصة في كتابه الروض الأنف الشهير. والى ما كتبه العلامة ابن هشام اللخمي الإشبيلي مولد السبتي داراً من التعاليق والشروح في النحو واللغة وتقويم اللسان، وأهمها كتابه في لحن العامة الذي رد به على الزبيدي وعلى ابن مكي في الموضوع فصحح ما وهما فيه، وتعرض للحن عامة زمنه، مما يدل على تضلعه واتساع مادته. وبالجملة فهو كتاب مفيد جداً في الاطلاع على تطور الدراسات اللغوية في المغرب والأندلس معاً.
ونشأت في هذا العصر فكرة نظم المسائل اللغوية تسهيلاً على الطلاب إذ كان النظم أكثر ضبطاً وأيسر حفظاً. ومن ذلك أرجوزة العلامة ابن المناصف المسماة بالمذهبة في الحلى والشيات. وقد نظمها بمراكش في جمادى الأولى عام ٦٢٠ فحملت عنه وسمعت عليه كثيراً. ومنه نظم العلامة ابن معط لجمهرة ابن دريد ونظمه لصحاح الجوهري وهي محاولة جريئة كما لا يخفى.
ولا نذكر هنا النحويين واللغويين كأبي عليه الشلوبين وابن خروف وابن عصفور وابن مضا وابن مالك وغيرهم ممن أظلهم عصر الموحدين، إلا على سبيل التذكير بما كان لعلوم العربية نحواً ولغة من عظيم الازدهار في هذا العصر، ولا سيما وأكثر هؤلاء من زار المغرب وأقام فيه فأخذ عنه الطلاب ونشر معارفه بكل مكان.
وبخصوص علم العروض من العلوم الأدبية نذكر أنه في هذا العصر نبع العلامة ضياء الدين الخزرجي السبتي صاحب القصيدة الشهيرة بالخزرجية في هذا الفن والتي يسميها المشارقة بالرامزة. وهي بقدر ما تدل على معرفته بالعروض تدل على رسوخ قدمه في الأدب حيث استطاع أن يضمن أغراض هذا العلم في قصيدة لا تتجاوز مائة بيت ما استخدم في ذلك من الرموز والإشارات حتى عد شرحها فيما بعد من المأثرات. وكذلك العلامة ابن أبي الجيش الأنصاري صاحب العروض المعروف باسمه فإنه من نوابغ هذا العصر. وليس هو صاحب الخزرجية ولا هذه هي عروضه كما يخلط بينها بعض الكتاب. ولابن معط أيضاً نظم في العروض ذكر في ترجمته. هذا إلى ما وضعه الأندلسيون من تأليف عديدة أخذت عنهم بالمغرب والأندلس وكان لها رواج