للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه خلاصة الكلام عن الحركة العلمية في هذا العصر، وترى أن ليس بينها وبين ما كانت عليه في العصر السابق كبير فرق إلا في التوسع الذي يقتضيه طول هذا العهد، ولذلك اختصرنا الكلام فيها على أن هذه النبذة مع اختصارها حاوية لأهم ما تجب معرفته من ذلك، وبقي الكلام على مساهمة المرأة في هذه الحركة وهي مساهمة تامة برغم ما ينقصنا من معلومات في هذا الشأن.

وأول من نذكر من السيدات المبرزات في ميدان المعارف الإسلامية السيدة خناثة بنت بكار زوج السلطان مولاي إسمعيل وأم ولده السلطان مولاي عبد الله، كانت فقيهة عالمة، بارعة أديبة، خيّرة ديّنة، لها كتابة على الإصابة في معرفة الصحابة، لابن حجر، وكان لها كلام ورأي وتدبير مع السلطان ومشاورة في بعض أمور الرعية فإنها كانت له وزيرة صدق وبطانة خير كما قال الوزير الإسحاقي في رحلته. وكانت قد توجهت إلى الحج في أيام ولدها مولاي عبد الله، وصحبها حفيدها سيدي محمد بن عبدالله وحاشية كبيرة من جملتها الوزير المذكور الذي كتب رحلته بهذه المناسبة، فقوبلت بحفاوة عظيمة من أهل الحرمين الشريفين وفرقت هناك على المحتاجين وذوي البيوتات ما يزيد على مائة ألف دينار وأكرمها العلاء ومدحها الشعراء. ومن جملة ما مدحت به قصيدة للشيخ محمد بن علي بن فضل الحسيني الطبري إمام المقام الإبراهيمي استهلها بقوله.

غنّي على عود السعود هزاري. . . وشدا على الأوتار بالأوطار

ويقول في أثنائها:

فاحت بها أرجاء مكة رغبة. . . ومحبة من سائر الأخيار

وهي الحقيقة بالجلالة في الورى. . . فجلالة الأضياف ليس بعار

توفيت رحمها الله بفاس سنة ١١٥٩. ثم نذكر السيدة زوج الشيخ سيدي المختار الكنتي التي كانت أيضاً من العالمات الفاضلات، وقد ختمت المختصر الحنبلي الذي كانت تدرّسه للنساء في اليوم الذي ختمه زوجها بجهة أخرى حيث كان

<<  <  ج: ص:  >  >>