قلت: هذا اعتراض بليد لم يفهم من البيت إلا ما وقع في أذنيه فإن الرجل لا يحسن في الأدب شيئاً ولا يحسن أغراض الشعراء ولا ما جرى عليه عملهم حتى يفهم. هذا قول حبيب:
أجب أيها الربع الذي أنا سائله
فإنه ينظر فلا يرى كلاماً متقدماً ولا يسمع قول مخاطب يكون هذا جوابه فيظن أن الشاعر مجنون. قلت: وأنا بعون الله أبين للمبتدئين كيف يخرج البيت الذي فيه الكلام عند أهل الصناعة العربية وذلك أن فيه:
حق وإن جعل النصيح يصيح. . . أنا عاشق، هذا الحديث صحيح
واذا عشقت يكون ماذا هل له. . . دين علي فيغتدي ويروح؟
فكأن الناصح عنفه على العشق وعذله، وقال له أنت عاشق وجعل يصيح وينظر ويسمع فقال حق أنا عاشق، هذا الحديث صحيح، ثم قال وإذا عشقت يكون العشق كما تقول وماذا علي فيه؟ ويدل على ذلك بعد هذا:
فيه قضاء؟ لا ولا كفارة. . . فأرح فؤادي إن قولك ريح
فقد تبين المعني وظهر وجه التقرير والإعراب على الطريقة في صناعة العربية وصار يكون جواباً لإذا على رغم من أنكره فإن المنكر بعيد