للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرة، وجعلت أجفاننا تتردد في ميناء السواحل وتلج أبواب الخوف العاجل لإحراز الأمن الآجل، مشحونة بالعدد الموفورة والأبطال المشهورة، والخيل المسومة، والأقوات المقومة، فمن تاج حارب دونه الأجل، وشهيد مضى عند الله عز وجل، وما زالت الأجفان تتردد على ذلك الخطر، حتى تلف منها سبع وستون قطعة غزوية أجرها عند الله يدخر، ثم لم نقنع بهذا العمل في الإمداد، فبعثنا أحد أولادنا أسعدهم الله مساهمة به لأهل تلك البلاد، فلقي من هول البحر وارتجاجه، وإلحاح العدو ولجاجه، ما به الأمثال تضرب وبمثله يتحدث ويستغرب، ولما خلص لتلك العدوة بمن أبقته الشدائد، نزل بإزاء الكافر الجاحد، حتى كان منه بفرسخين أو أدنى. وقد ضرب بعطن صابح العدو ويماسيه بحرب بها يمنى، وقد كان من مددنا بالجزيرة جيش شريت شرارته، وقويت في الحرب إرادته، يبلون البلاء الأصدق، ولا يبالون بالعدو وهم منه كالشامة البيضاء في البعير الأورق، إلا أن المطاولة بحصارها في البحر مدة ثلاثة أعوام ونصف، ومنازلتها في البر نحو عامين معقوداً عليها الصف بالصف، أدى إلى فناء الأقوات في البلد، حتى لم يبق لأهليه قوت شهر مع انقطاع المدد، وبه من الخلق ما يربي على عشرة آلاف دون الحرم والولد، فكتب إلينا سلطان الأندلس يرغب في الأذن له في عقد الصلح، ووقع الاتفاق على أنه لاستخلاص المسلمين من وجوه النجح، فإذنا له فيه الإذن العام، إذ في إصراحه وإصراخ من بقظره من المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>