للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل المعاني الرقاق وفتنة العشاق، وعلى منظرنا طلاوة، ورونق وحلاوة، فأرى لك من الرأي والتدبير أن تأخذي معي في التقصير، فإن الله تعالى خلق الكامل والمتوسط والقصير، على أن القصر والكمال، إنما هو في الأفعال، ثم قعدت على أعلى مكان، وتكلمت بأفصح لسان، فقالت:

الحمد لله الملك الكبير، الذي ليس له حاجب ولا وزير، وصلى الله وسلم على محمد نبيه وعلى أله ما هب نسيم وفاح عبير. ثم أنشدت:

غزلان الأنس ذوو القصر. . . وشفاء النفس مع البصر

فيعيش القلب بمنظرنا. . . وتقر العين من النظر

وإذا ما الروض أتيت فلذ. . . بقصار القد من الشجر

إياك النخل فإن لها. . . طولاً يهديك إلى الغرر

وبينما هما في طويل من الكلام وعريض، يتنازعان أبيات القريض، إذا بضجيج، كضجيج الناس في الحجيج، والناس قد تطاولت أعناقهم، وشخصت أحداقهم وإذا أنا بقلاع، يسوق مركباً موسوقاً بالسلاع، فقلت ما هذه السفينة، فقيل لي هذه الجارية السمينة، فدار المحفل عليها كالحلقة، فقلت سبحان من لا يمل من خلقة، فحطت من القلق رداءها، وغاظت بأعكانها حسادها وأعداءها، وقد تكلل العرق على جبينها

<<  <  ج: ص:  >  >>