للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبت لتجلس، فما استقر بها القعود، إلا وجارية وقفت كأنها كوكب السعود، تبتهج باللطف والابتسام، وتضطرب كما يضطرب الحسام، وتبسم عن ثغر كاللئال، ريقه كالعذب البارد الزلال، ثم قالت: إلي إلى يا معشر العشاق فعلى مثلي تندب الأطلال ويجري الدم المراق، وحمدت الله عز وجل بقولها:

الحمد لله الذي أودع الحكمة في النفوس الرقاق، باعث الخلق وناشرهم يوم التلاق، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المخصوص بالحوض والشفاعة واللواء والبراق، ما حدا حاد وساق الركب إليه مشتاق، يا من حضر في مجلسنا، ولاذ بأنسنا، أسمعت مقالة هذه العاهة، وما ظهر منها من قلة النزاهة، هذه التي تفتح فمها مثل التمساح، وتبلغ القرع وتخرجها صحاح، وإن قرب منها الرجل لمقصد أو سول، غرق في بحر بسول، قلبها بالعلف هائم، كما تفعل البهائم. ثم أبرقت وأرعدت، وقالت فأنشدت:

يا عاهة ليس لها من خلاق. . . هواك قد أنساك يوم التلاق

والحشر والنشر وأهواله. . . وخجلة العبد وخوف المساق

لو كان للقلب به فكرة. . . لكان للجسم ضنى واحتراق

نحن رقاق في النفوس ولا. . . يرق قلب الصب الأوراق

ثم قالت: وما حيلك أيتها العاهة إذا جاوزت الأربعين،

<<  <  ج: ص:  >  >>