تحسب النجم في دجى الليل زهراً. . . في رباها وتحسب الزهر نجماً
فمتعنا الطرف في الروضتين، وحصلنا من الأنس على جنا الجنتين، حتى إذا عبث الابتسام بالوجوم، وفاض نهر المجرة على حصباء النجوم، وكاد جرف الليل ينهار، سمعنا من بين جلبة الطير والأزهار:
هات المدام إذا رأيت شبيهها. . . في الأفق يا فرداً بغير شبيه
فالصبح قد ذبح الظلام بنصله. . . فغدت حمائمه تخاصم فيه
قال الراوي فأوجست خيفة في نفسي، واعتضت الخيفة بدل أنسي، وقمت مذعوراً لفرط الدهش، والجو بين الضياء والغبش، «يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار، » فتراءت لي وجوه الرياض تثعب دماً، كأنما اكتست الآفاق من حمرته عندما، فتوهمته من بقايا الشفق أسفر عنها ضوء الفلق، فإذا هو ينادي بلسان طليق: أنا أخو الرياض (الشقيق)، كم كسوته جمالاً، وكسبته من ورق ورقي مالاً، من وجهي تعرف نضرة النعيم ومزاج كأسي من تسنيم، فدع قول عياض (١)، ووصفه إياي بين الرياض، وخل من الألوان
(١) يشير إلى بيتي القاضي عياض في الشقيق الآتيين بعد.