فباحت بشجنها، وتكلمت على فننها، وقالت كل يحاول جهده، ويقول بما عنده، إلي لا لكم الفخار، وأنتم لنا أعشاش وأوكار، وفروعكم لخطبائنا منابر، ولقيانا ستائر، أليس رؤوسكم لأقدامنا خاضعة، ولنا كلما نزلنا ساجدة وراكعة، وإنا على ما زعمتم بنا من الجوى وتباريحه، آخذون في ذكر الله وتسبيحه، شغلنا ذلك بالأسحار، والعشي والإبكار،
قال الراوي: فبينما أعجب مما سمعت، وأهم بتقييد ما رويت، إذ نشأت غمامة تصافح أهدابها الأرض، وتسد الآفاق على الطول والعرض، يحدوها الرعد، ويستنجز منها الوعد.
وكأن صوت الرعد خلف سحابة. . . حاد إذا ونت الركائب صاحا
أخفى مسالكها الظلام فأوقدت. . . من برقها كي تهتدي مصباحاً
جادت على التلعات فاكتست الربى. . . حل أقام لها الربيع وشاحاً
فنثرت الأرض جواهر تغار منها البحور، وتزدان بها من أجياد الأزهار اللبات والنحور، فاختفت بعد ما تجلت، وألقت على البطاح ما فيها وتخلت، ثم قالت يا ذوات الأطواق، الباحات بالأشواق، المفتخرات على الأدواح، بالغدو والرواح، بكاو كذب، ونوحكن لعب،