الدار بانيها، فمن كلام من يعقل. إذا فاض نهر الله بطل نهر معقل (١)، ألم تعلموا أن جامع هذه الفضائل وإمامها ومالكها الذي أحكم انتظامها، عالم المسلين محيي سنة الفضل في العالمين المساجد الفاضل، السحاب الهاطل، السَّنِي، السُّنّي، فخر المغرب الأكبر، محمد بن أبي بكر صاحب الدلاء الكريم الجواد، الكثير الرماد، كافي الله إنعامه، وجازاه عن مقام الدين الذي أراد جداره أن ينقض فأقامه، فهو الممدوح بكل لسان، والماجد الذي لم يختلف في فضله اثنان، والسخي الذي إذا ملأ الراحة خف عليه التعب، وإذا ذكر القدر الذي ارتفع هان عليه الفكر الذي انتصب، كم ساجلت جوده الغمائم، فأمست على افتضاحها ثنايا البروق وهي بواسم، متى طرقت حماه والليل قد سجى، تجد حطباً جزلاً وناراً تأججاً.
تلوح في غرة الأيام بهجته. . . كأنها ملة الإسلام في الملل
فاعترفت الأزهار بأن شذاها من نسماته، وأقرت الشمس بأنها من قسماته، وسلم الغمام بأنه من صلاته، وقال الحمام لا أتغنى إلا بمدائحه، ولا أرد إلا موارد منائحه، قال الراوي: فلما وقع التسليم لمعجزاته المحمدية، ومناقب أبيه البكرية، قضيت المناسك، وودعت المسالك، وطفت تلك البقاع طواف الوداع فلما أردت
(١) هو معقل بن يسار ينسب له نهر بالبصرة وهو الذي يضرب فيه هذا المثل.