للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى أفضى الحديث إلى الدار التي أختارها، وقصدي أن تتضح لي أخبارها، فقال هي دار خطيب البلد، وهو رجل كثير المال قليل الولد، مشهور بالتوقرة الزائدة، ولا له من الأولاد إلا ابنة واحدة، وهي روحه التي بين جنبيه، والسواد الذي فيه نور عينيه، وقد منعها الأزواج، وخطبها جماعة من البلد، فلم يسمح لها بالزواج، فقلت والله لقد شوقتني إليها، وحدثتني نفسي بخطبتها والعمل عليها، فهل تعرف امرأة تعرفني باسمها، وتوصل خطبتي إلى أمها، فدلني على عجوز مشهورة في عقد النكاح، تعرف بياقوتة الملاح، فلما لقيتها أوضحت لها الحال، ووعدتها أن تمت المسألة بتحف ومال، فسمعت كلامي، وضمنت لي بلوغ مرامي، وأنشدت:

أنا ياقوتة الملاح وربي. . . في أموري هو الكفيل بقوت

إن سلكت القفار جئت بوحش. . . أو سلكت البحار جئت بحوت

ويقود الصعاب لطف احتيالي. . . بخيوط تكون من عنكبوت

ألقني في لظى فإن غيرتني. . . فتيقن أن لست بالياقوت

ثم فارقتني وذهبت، واشتعلت نار وجدي والتهبت، ومضى علي شهر لا أدري أمرها، ولا أعرف مستقرها، فذرفت العيون، وسهرت الجفون، وساءت الظنون، وقلت:

غاب الرسول فلم يعد بجوابه. . . ففهمت معنى الحال في تأخيره

<<  <  ج: ص:  >  >>