وجهها جميلاً، وقالت: لقد رثت لك الوالدة، وسمحت لك بنظرة واحدة، بعد إن قلت لها لا بأس بنظرة العين، ورغبتها في أجر من يجمع بين المحبين، فإياك أن تنقض عهداً، أو تتعدى حداً، وتقرر الميعاد يوم الجمعة وقت الصلاة، ووالدها على المنبر في مصلاه، فصمت، وتصدقت، وانتظرت ذلك الوقت، إلى أن دنا الميعاد، ودخل الوقت أو كاد، فخرجت من داري، وقد صفت أكداري، وحسنت هيئتي، وسرحت لحيتي، واستعملت ما يناسب من الطيب، وقصدت دار الخطيب، فاجتزت بحجام عنده مرآة، ومقصات مستحسنات، فناولني المرآة حتى رأيت وجهي فيها، فوجدت شعر شاربي قد طال، وتعين أن يخفف ويزال، فأمرته بقصه، وأن يأخذ منه بمقصه، فامتثل أمري، وقص ما طال من شعري، فسألته عن اسمه وأصله، لعلي استدل بذلك على فعله، فقال: اسمي قتور، وأصلي من خيبر، فقلت: اسم عتيث، وأصل خبيث، فقصدت إعطاءه درهماً عن إجرته، فسبقتني يدي إلى كيس الذهب، لما طبع عليه الإنسان من عجلته، ولما نظر إليه وإلى ما فيه من الذهب، طار عقله وذهب فناولته منه ديناراً، لأكفى منه عاراً، فانكب على قدمي، وبالغ في الثناء على كرمي، وقال مثلك من خدمة الإنسان، وهل جزاء الإحسان، إلا الإحسان، والله لقد