أغنيتي من كرمك، ولا أعود أموت إلا تحت قدمك، فأثنيت عليه بالخير، وأسرعت عنه في السير، فأسرع حتى لقيني ولازمني ولاصقني، وما تأخر عني ولا سبقني، فقلت له انقطع عني، ولا تتبعني، وما الذي تريد مني، فقال: معاذ الله أن أفارق من أحسن إلي، وتفضل بهذا الدينار علي، والله ما أنا من أولاد الزنى، ولا من أبناء الحنا، هذا والعجوز مراقبة وصولي ومنتظرة لدخولي، فاعترضني جمع من المساكين، وقالوا تصدق علينا أن الله يجزي المتصدقين، فناوله ديناراً آخر وقلت صرفه وفرقه عليهم، وتولى إيصال ذلك بيدك إليهم، فرماه إلى الفقراء في الهواء، وقال اقتسموا هذا بينكم على السواء، ثم هرولت فأدركني، ودخلت من الباب، فأراد أن يمسكني وقال: إلى أين يا سيداه، وقد دخل وقت الصلاة، فلم أرد عليه الجواب، بل أدخلت وأغلقت دونه الباب، فما لبث أن طرق الباب. وقال يا سيدي فاتك الصواب، قد أقيمت الجمعة، والأقوام إلى الصلاة مجتمعة، فقالت لي المرأة: دع غلامك يذهب، فقد تعدى وغلب، فقلت والله ما هو لي بغلام، ولا لي معه كلام، فأخرجي إليه، والعني والديه، فخرجت إليه، وأنكرت عليه، فرمى عمامته وبكى، وقال إلى الله المشتكى سيدي في هذه الدار أدخلوه، وطمعوا في ماله فقتلوه، وزاد في الاستغاثة واجتمع عليه الناس حلقتان