للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان حياً ما فاتته صلاة الجمعة، ولكان حاضراً وأنا فيها معه، وأحزناه واأسفاه واسيداه وأمولاه، غروك فأدخلوك، وطمعوا في مالك فقتلوك، ائذن لي بالدخول، فأنا أعرف ما أقول، فأمره الخطيب بالدخول إلى داره، ومعه من الحاضرين من بعثه فضوله على كشف أخباره، فدخل الدار في جمع كبير. فأوقعته المقادير على فم البير، فقال سيدي في هذا المكان، ولا بد من النزول فيه ولو كان ما كان، ثم نظر في نواحي البيت واستدعى بإناء فيه زيت، وحل عمامته وبل طرفها، وأوقدها لمكيدة عرفها، وأدلاها في ذلك البير، وأدارها فأنارت أي تنوير، فرآني جالساً بمكاني وقد حل بي من الويل ما كفاني، فاستغاث كذب المماطل، وجاء الحق وزهق الباطل، سيدي في هذا البير والإنسان جار تحت المقادير، فأخرجت من ذلك المكان، على أقبح حال وأسوأ شأن، فقال لي الخطيب أن أردت الخلاص فاصدق، فقلت ما دخلت إلا لأسرق، فحملت على تلك الحال إلى الوالي فسجنني وأخذ أموالي، فبقيت في الحبس سنة، في عيشة خشنة، ما رأيت فيها لذة بينة، وعلمت أن من أحسن لكل رديء الأصل، شقي كما شقيت، ولقي ما لقيت، وكان مما نظمته في حبسي مخاطباً لنفسي:

تجنب ردي الأصل واحد هو اجتهد. . . على طرده فالخير في شرف النفس

<<  <  ج: ص:  >  >>