للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - إفادة عموم السلب، وذلك إذا كان المسند إليه من أدوات العموم مثل: "كل، وجميع، ولم تقع في حيز النفي، كأن تتقدم على النفي لفظاً ورتبة، كقولك: كل بائع لم يغش" فقد تقدمت (كل) على أداة النفي لفظاً ورتبة، أما في اللفظ فواضح، وأما في الرتبة، فلأنها مبتدأ، ورتبة المبدأ التقدم على الخبر، فقد أفاد هذا التركيب عموم السلب؛ فالغش في المثال منفي عن جميع البائعين بلا استثناء.

والسر في إفادة مثل هذا التركيب عموم السلب: أنك إذا بدأت بأداة العموم كنت قد بنيت النفي عليها، وسلطت الكلية عليه وأعملتها فيه، وذلك يقتضي شمول النفي.

أما إذا وقعت أداة العموم في حيز النفي، بأن وقعت بعده لفظاً ورتبة، أو رتبة فقط، لم يكن النفي عاماً، بل أفاد الكلام ثبوت الحكم لبعض الأفراد دون بعض.

أما وقوع أداة العموم في حيز النفي لفظاً ورتبة، فمثاله قول أبي العتاهية:

ما كل رأي الفتى يدعو إلى رشد ... إذا بدا لك رأي مشكل فقف

وقولك: ما حضر الطلاب كلهم، وما حضر كل الطلاب، ولم أكتب البيانات كلها، ولم أكتب كل البيانات، فقد وقعت أداة العموم بعد النفي لفظاً ورتبة في كل تلك الأمثلة. وأما وقوع أداة العموم في حيز النفي في الرتبة فقط، فمثاله قولك: كل البيانات لم أكتب، والبيانات كلها لم أكتب بنصب (كل) فيهما.

وأما قول الله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: ٢٣] وقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: ٢٧٦] فإفادة الآيتين لعموم السلب ونفى الحكم من كل فرد إنما جاء من قرينة خارجية، هي تحريم الاختيال والكفر، وإلا فإن التركيب في أصل وضعه لا يفيد العموم.

٨ - ("مثل" و"غير") إذا استعلمنا على طريق الكناية في نحو قولهم: (مثلك يرعى الود) و (غيرك لا يفي)؛ على معنى: أنت ترعى الود، وأنت تفي، من غير أن يقصدوا إلى التعريض بأحد، أي لا يريدون "بمثل" أو "غير" غير ما أضيفتا إليه، لأنهم يقصدون إثبات رعاية الود للمخاطب في الأول، وإثبات الوفاء له في الثاني من طريق الكناية، لأنه أبلغ.

<<  <   >  >>