صبراً على هذا المنكر وكاد الفؤاد يتصدع والكبد تنفطر فنبهت صاحب الدار لما فيها فأسرع لوقته إلى داخل الحرم وأرسل من أغلق الشبابيك فحجبهن عن الأنظار وما حرمن من مشاهدة الحفلة وراء الحجاب.
هذه حفلة من كثير مثلها تقام في هذه المدينة الواسعة وطبعاً يجري في الكل ما جرى في هذه ويحدث من اجتماع النساء وأمنهن الرقيب والزاجر تلك المنكرات الكبائر فالحكمة البالغة في ذلك الحكم في منه هذا الفجور باجتناب أسبابه.
وللزوج على زوجته الولاية التأديبية (انظر المادة ٢٠٦ الأحوال الشخصية) وعليها الحجاب وستر الزينة بنص الكتاب إذ قال الله تعالى: وليضربن بخمرتهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن) وقال (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وقد اتفق أغلب المفسرين على أن المراد ستر المرأة رأسها ووجها وجميع بدنها بحيث لا يظهر منها إلا عين واحدة وقيل عيناها وأن لا تظهر شيئاً غير ذلك مطلقاً إلا لضرورة تستوجب الإباحة شرعاً ككشف المخطوبة وجهها وكفيها لمن يخطبها.
وقد اجتنبت الحكومة التعرض لهذه الحقوق بل لم تتعرض للرجال في حق إجراء التعزير المباح لهم شرعاً إيقاعه على النساء عند تجاوزهن حداً من تلك الحدود مثل ما في المادة (٢٠٩) الأحوال الشخصية هو يباح للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر ولا يجوز له أن يضربها ضباً فاحشاً ولو بحق وقد صرحت الحكومة بحيادها هذا في المادة الأولى من قانون عقوباتها وهذا نصها من خصائص الحكومة أن تعاقب على الجرائم التي تقع على أفراد الناس بسبب ما يترتب عليها من تكدير الراحة العمومية وكذلك على الجرائم التي تحصل ضد الحكومة مباشرة بناء على ذلك قد يعينت في هذا القانون درجات العقوبة التي لأولياء الأمر شرعاً تقريرها وهذا بدون إخلال في أي حال من الأحوال بالحقوق المقررة لكل شخص بمقتضى الشريعة الغراء.
ولم تلتزم الحكومة الحياد فقط بل نظامها متكفل بمعاونة الرجل على حجب امرأته ولو أدى ذلك إلى استعمال القوة فإذا فرضنا أن رجلاً عجز عن حجب امرأته في بيتها وعن منعها من الخروج لغير ضرورة شرعية وفي حجاب شرعي فله رفع الأمر للقاضي فيحكم له بما