والخاصة ولو علمنا أن صاحب الخلق الحسن يحي حياة طيبة، يحي فتسعد به أمته ووطنه لأقللنا من تهاملنا ولأدركنا أنا عن أمر الأخلاق معرضون، يكفي من فوائد الأخلاق أن صاحبها لا يجادل ولا يظلم ولا يخاصم، يسع الناس بحمله ويسالمهم بأخلاقه، عكس فاسد الأخلاق، فإن القلم ليمل من وصف مرارة عيشه وسخط الناس جميعاً عليه وبالجملة حسن الأخلاق مدعاة كل خير، وفسادها منشأ كل شر ومن تأمل قول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام (وإنك لعلى خلق عظيم) يعلم ما للأخلاق من القدر والشأن فعلى علمائنا ومحبي الإصلاح منا أن يتكرموا بنشر ما تجود به قرائحهم من فضائل الأخلاق وما لها من المنافع الدينية، والفوائد العمرانية، وعلى رؤساء المدارس بأنواعها أن يتداركوا هذا الأمر العظيم، ويرتقوا هذا الفتق الكبير فيضموا إلى دروسهم هذا الدرس المفيد ويختاروا له معلمين عاملين به، عالمين بطرائقه إذ أن من الجهل الفادح اعتقاد هون المر، وسهولة هذا الخطب حتى نرضى لتربية أحداثنا كل دعي في التهذيب وسالك مسلك المعلمين رؤساء المدارس اتقوا الله في اختيار المعلمين الأخيار فإن ذلك من أهم الأمور وأوكدها والتلامذة عندكم وديعة وأمانة، وقلوبهم الطاهرة جواهر خالية عن كل نقش وصورة قابلة لكل نقش وصورة فإن عودتموهم الخير سعدوا في الدنيا والآخرة وأنتم شركاؤهم، وإلا فأنتم السبب في هلاكهم وإحباط مستقبلهم ياتيكم الطالب من داره وقد طرأ مسمعه آلاف الكلمات البذيئة ورأت عينه أنواع العادات الضارة مما عليه أمه وأخوه، وابن عمه وذووه فيرى من عادات بعض من جعلتموهم أنتم معلمين ما يثبت في نفسه تلك العادات السافلة ويجعلها بحيث توازى السجية وتستحكم استحكام الطبع وهناك البلية العظمى.
المعلم الأمين هو الذي يهذب الأطفال بعاداته كما يهذبهم بأقواله نحن لا نعتقد أنا إهمالنا لانتقاء المعلمين الأخيار متى بلغنا أن فلاناً على شيء من المعرفة أو أنه انفرد بإتقان علم من العلوم، أو أن لديه شهادة من بعض المدارس العالية، أو أنه اشتهر بأنه من أصحاب الأفكار نخف إليه مسرعين ونخوله التربع على كرسي التعليم ونسلم إليه مئات القلوب من أولادنا غير ملتفتين إلى أخلاقه وعاداته وميوله وأهوائه رأينا بعض من خولتهم المعارف التدريس في بعض مدارسها يشرب الماء في نهار رمضان عمداً وهو صحيح الجسم بدعوى أن الصيام يجب أن لم يحدث مشقة، وسمعنا أن بعضهم ينكر وجود السموات