تقرضها الدود عمرها أمير أطنة خليل بك ابن الأمير رمضان ووقف لها أوقافاً كلية وشرط لها شروطاً منها أن يتخصص عشرة من أذكياء ونبلاء طلابها وتعطى لهم زيادة معاش وملبس كي يجدوا على تحصيل العلوم الدينية خصوصاُ ويسابروا عليها وينشروا ذلك في القرى والأمصار ولكن يا للأسف قد طمست معالم العلم في هذه المدرسة وفي غيرها وعفت آثاره وصار للمدارس حظ من اسمها فأصبحت خاوية على عروشها يأوي إليها الفقراء والعجزة وبعض المتخلقين بالأخلاق الذميمة.
ولنطلع القراء على بعض ما رأيته من الغرائب ليطلعوا على سوء إدارة بعض عمال نظارة الأوقاف في الولايات العثمانية عدم إنكار العلماء والمفتين ذلك مما أودى بنا إلى الذل والهوان وسوء المنقلب.
إن العلماء قديماً كانوا يخرجون في أثناء تعطيل الدروس إلى القرى والبوادي لنشر العلم والدين وإرشاد الناس إلى ما فيه صلاحهم وكان يحصل لهم إكرام عظيم بسبب صلاحهم وحسن نيتهم فخلفهم قوم لم يراعوا طريق سلفهم فإذا جلسوا للوعظ يضيعون الأوقات بالحكايات والأقاصيص وبعضهم دخلاء على العلم وأهله وهم أضر على الدين من أعدائه لأن العوام يأخذون قولهم بالقبول ولو أردت نصحهم تقوم وقتئذ الطامة الكبرى حتى أن يعضهم قد قرر في درسه أن البول قائماً حرام ومن فعل ذلك فهو كالزاني بأمه وهادم الكعبة فلما بلغني ذلك ممن كان حاضراً في درسه من الثقات وقد تواتر ذلك أخبرتهم بأن ذلك مكروه عند بعض الأئمة والنبي صلى الله عليه وسلم بال قائماً واختلف العلماء بالكراهة وعدمها كما هو مذكور في كتب الفقه والحديث ولم يقل أحد بالحرمة ثم أن الفاضل الشيخ إسحاق أخذته الحمية والغيرة وبين للناس في درسه العام حكم المسألة فتأمل وقل ما تشاء في حق العلماء الذين يساعدون أمثال هؤلاء الجهلة ويصدقون على أنهم مدرسون وأن هذه وظيفة ورثها فلان عن أبيه فيلزم أن لا نحرمه خبز أبيه ولم يراعوا دين الله وخالفوا نصوص الفقهاء وقوله تعالى:(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
فصدق عليهم مفهوم قوله تعالى:(إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) ومنطوق قوله عز اسمه: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى إلى خرابها) وقل