وهذه دولة من دول إسلام ذلك العصر وغيرها كان يأتيها من المال أضعاف أضعافها كل ذلك كان لاتفاق المسلمين واجتماعهم على الحق واجتهادهم بتوسيع نطاق ممالك الإسلام وتفانيهم بإعلاء شأن كلمة الملة والدين، أولئك السلاف العظام يستهان بأخلاقهم اليوم أمة شأن سلفها العز والمجد أيعجز خلفها أن ينهض نهضة آبائه وأجداده ألا ليت شعري ما هو الدواء النافع الناجع لبرء هذا الداء العضال.
الدواء الوحيد هو بث الدعوة الدينية في هذه الأمة العظيمة ونفخ روح الحياة بالعلم في جسم ميتها ليحيى وينهض من حضيض الذل والهوان إلى أوج المعالي وهذا الدواء أعظم وأكبر وأجل سبب شريف لاسترداد مجد الإسلام السالف بهذا الدواء يعز الشعب بعد الذل والصغار ويصحو من خمرة سهوه ولعبه. وليكن بث هذه الدعوة بإرسال مرشدين عارفين بلغات البلاد من طرف الدولة العلية إلى العالم الإسلامي في سائر الجهات والأقطار يدعونه إلى التعاون والتعاضد والتناصر بشرط أن يكونوا عالمين عاملين بما يرشدون به مقتدرين على استمالة الأفكار واستجلاب القلوب يأتون البيوت من أبوابها لا خاملين يدعون الأمة إلى البطالة ويقعدونها عن السعي وراء الرقي والكمال ويثبطون همتها عن الجد بالعمل حتى يلجأ إلى التهاون والتواني وتألف الخمول والكسل. لا متفرنجين مارقين من الدين والأخلاق مروق السهم من الرمية أليفهم الكاس وحليفهم الشيطان على الاجتماع مع المرد واستباحة الأعراض.
أولئك قوم أبغضوا المساجد وتلاوة القرآن وتعشقوا مسارح اللهو والخذلان بل ينبغي أن يكونوا صفوة الناس وخلاصتهم لا مفرطين ولا مفرطين متجردين من الغايات الذاتية والمآرب الشخصية يقومون بوظائف الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام التي هي أشرف مطلب وأسمى منصب بل هي من أهم الواجبات على علماء الدين الإسلامي بالدعوة يحصل الإرشاد والنصيحة بتأليف القلوب وإصلاح ذات البين ويكون هذا بجمع السواد الأعظم في المساجد لاسيما أيام الجمع والأعياد وفي نواديهم التي يتحدثون بها ويأوون إليها وذلك بالخطب الرائقة والمواعظ الشائقة والدروس الجليلة المنبهة على حسب ما تقتضيه أحوال العصر الحالي يبينون لهم ما ينبغي التذرع به والالتجاء إليه تخلصاً مما هم فيه ويحثونهم على مؤازرة دولة الخلافة بالتداعي إليها والترامي نحوها من جميع النواحي