للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمال والرجال وبتأليف الجمعيات الخيرية وتجديد المعاهد العلمية وتشييد المدارس الفنية ويحضونهم على تأليف جمعية مخصوصة ترمي بسعيها إلى هذا الغرض ذاته يجعلون لها فروعاً وشعباً في سائر الأنحاء والأرجاء وتأليف جمعية أخرى باسم إحداث معامل صناعية في بلاد الدولة العثمانية تشترك فيها الأغنياء وأصحاب الثروات من المسلمين يمدونها بأموالهم وينتفعون بريعها مساهمة كما هو شأن الشركات الأجنبية التي ببلادنا يعينون لها رؤساء نصوحين صادقين يديرون أمورها ويدبرون شؤونها ونظاراً عليهم يتتبعون أحوالها ويراقبون عمالها حتى تستغني بلادنا عن بلد الأجانب وبهذا ينمو المال وتحيي الرجال وتتألف الأفئدة والقلوب.

وربما يعترض على هذا الاقتراح مارق من الدين ليبقى مقيماً على شهواته أو من خارت عزيمة فكره ورويته أو بعثته عصبيته أو جنسيته أو أهاجته غاياته ومآربه أو من ثبط همته بالجبن وأعقده الكسل فيقول أن هذا الاقتراح أمر شديد المراس صعب المزاولة ولا يمكن تصوره لا يتأتى العمل به فنقول له أن الأمر سهل متى لهجت به سائر جرائد الإسلام إن الأمر سهل متى سرت هذه الروح في جسم شعبنا الذي استسلم لليأس والقنوط، وقام ينادي بلسان واحد للأمام للأمام للتقدم للتقدم، إن الأمر سهل متى سرى دم الحياة بشرايين جسم أبناء هذه الدولة العثمانية ففدوها بالنفس والنفيس وبذلوا لصيانتها كل مرتخص وغال وصالوا صولتهم المعهودة وسطوا سطوتهم المعروفة ولا شك أن هذه الروح متى بدأ سريانها اجتمعت لها كلمة الأمة الإسلامية في سائر أقطار المسكونة إلا فما الذي دعى أخواننا المصريين إلى إعانتنا في هذه الأزمة الشديدة بمليون من الليرات؟ وما الذي حمل المتطوعين على مبارحتهم أوطانهم ومفارقتهم أولادهم وعياله؟ ما الذي أثار عواطف مسلمي الهند حتى أرسلوا الإعانات تترى من كل فج عميق؟ ما الذي أهاج عرب طرابلس الغرب حتى وقفوا في وجه الطليان وقوف الأسود الكواسر لتناضل عن أعراضها وتدافع عن أوطانها؟ أليس الباعث للجميع هو الرابطة الدينية والحمية الإيمانية وصون الخلافة الإسلامية من تمزيق جامعها وانحلال رابطتها حيث علموا كلهم أنه لم يبق على وجه الكرة الأرضية دولة تقوم بِأمر الخلافة العظمى سوى دولتنا حرسها الله وأيدها بقدرته وسلطانه فلذا هرعوا جميعاًُ لمساعدتها من تلقاء أنفسهم (ألا فليعتبر المتفكرون).

<<  <  ج: ص:  >  >>