للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرر ولكنه أخف من أخذ الملك لها بسلطة غاصبة ومن منازعها حديث الأعرابي الذي جعل يبول فغي المسجد وزجره بعض الصحابة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تزرموه فإن بوله في المسجد ضرر إلا أنه أخف من الضرر الذي ينشأ من إمساكه عن البول قبل فراغه.

وجئنا في تفسير (لعلهم يحذرون على اختلافهم في حرف الترجي الواقع في كلام الله تعالى فإن منهم من يخرجه على معنى التعليل كما ذكره ابن هشام في مغني اللبيب ومنهم من يصرفه إلى المخاطبين كما نقله صاحب الإتقان عن سيبويه حيث قال في معنى قوله تعالى (لعله يتذكر) اذهبا على رجائكما وطمعكما ويجري على هذا كل ما فيه حرف ترج نحو قوله تعالى (لعلكم تفلحون) وكان بعض التلامذة حين شرعت في إقراء الدرس قائمين على أقدامهم من ورائي يريدون أسئلة ويطلبون إعادة بعض التقارير وما لبثوا أن انقلبوا إلى السكينة والأصغياء وكانوا يلهجون عند الاستحسان بكلمة (كويس) تصغير كيس.

رافقني بعد انفصالنا عن الدرس طائفة من التلامذة فمررنا بمنزل كان أحد الجلساء به الأستاذ الشيخ الزنتاني فوقف موقف التحية وحدثه أحد الرفقاء بما كنا بصدده من قراءة التفسير فتوجه لي وقال قد أحييت سنة الشيخ ابن عرفة فذكر له الرفيق أن الدرس أيضاً يحتوي على مباحث متعددة منقولة عن الشيخ ابن عرفة.

تفضل علي بالزيارة في هذا المساء السيد شرف أحد الأعيان في عائلة أشراف مكة المحترمة فمقل لنا بعلو همته وسلاسة أخلاقه كيف تكون همم بني هاشم وآدابهم ثم أخذ بيدي حتى امتطينا عربة سارت بنا لإجابة دعوة السيد الشريف بن حمودة ولما انقضت المسافة ضرب كل منا بيده إلى كيسه ليتولى خلاص أجر الركوب عن سائر الجماعة فكانت يد الشريف أسرع في فتح الكيس ومناولة الدراهم لسائق العربة وأكد علينا أن نرد إلى الأكياس بضائعها فقال له الشيخ محمد صالح الشواش على وجه الدعابة لا تقسم علينا أيها الشريف متطاولاً فنحن أشرف أيضاً فتبسم منبسطاً لهذه الجسارة المشعرة بسلامة الضمير وحريته وقد تذكرت بهذه المداعبة ما كتبه الشريف الرضي إلى الإمام القادر بالله وهو:

عطفاً أمير المؤمنين فإننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق

<<  <  ج: ص:  >  >>