آلهكم لواحد رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق) إلى غير ذلك من الآيات القاطعة والأدلة الساطعة ولعظيم العناية بالتوحيد كررت آية في القرآن العظيم بضعاً وثلاثين مرة فأي فؤاد لا يمتلئ إيماناً. وأي إحساس لا يتشبع يقيناً وتثبيتاً حينما تتلى هذه الآيات الدالة على وحدانيته عز وجل (عن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) على ان المقصود الأعظم كما تقدم من بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدعوة إلى توحيد الله عز وجل المنزه عن كل ما يجيش بالفؤاد من صور وأشكال. ومقتضيات وشؤون لا تليق بمقامه سبحانه ومطالبة العقول بأن تتخلص من الغواشي الوهمية، التي غشاها بها قادة الأديان. ورؤساء العقائد الباطلة والمذاهب الفاسدة. إذا التوحيد حصن الروح وموئل العواطف ومطمأن العقل، متى وصل إليه الإنسان تأدت قواه ومواهبه إلى جهة الأمان الآلهي والسلام الصمداني ألم تر أن العرب كانوا في حنادس حالكة. وظلمات متكاثفة. هذا يعدد الآلهة. وذاك يشبه الله بمخلوقاته. ويعطيه صفات عباده. وذلك يتخيله على ما يحدد له وهمه وتتردد به أخلاقه. ولم يكن بينهم وهم في الجاهلية الجهلاء. والفتن الصماء. وبين ما آلوا إليه بعد إسلامهم من المكانات العلية. والمقامات الكريمة. إلا أن يصلوا إلى درجة التوحيد والتنزيه على الأسلوب القرآني، والتعليم المحمدي. فلا غرابة أن شواهد هذا الانتقال الباهر من جاهلية جهلاء. إلى ملكية علياء. فأدى إلى القول بأنه لابد أن يكون لتلك العقيدة يد قوية في إحداثه (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) هذا ولما كان بحث التوحيد أشرف المباحث الاعتقادية يحفى القلم دون توفيته بعض حقوقه وتضيق مجالات التعبير عن تصوير شطر من حقيقته. قد خاض علماء الكلام في لجج باحاته. وسبحوا في سبحات أنواره. فاستخرجوا من صدف معانيه درراً تيجان الكتب بها مرصعة. حسن بنا أن نلتقط منها ما يكون واسطة لجيد هذه المجلة فنقول:
التوحيد هو اعتقاد الوحدانية في الذات والصفات والأفعال فوحدانية الذات تنفي التعدد المتصل بأن يكون ذاتاً مركبة من جواهر وأعراض والتعدد المنفصل بأن تكون ذات تماثل ذاته تعالى ووحدانية في الصفات تنفي كذلك التعدد المتصل بأن تكون له قدرتان أو إرادتان أو علمان فأكثر وهكذا والتعدد المنفصل بأن تكون صفة في ذات تماثل صفاته الأزلية ووحدانية الأفعال تنفي أن يكون فعل أو اختراع أو إيجاد لغيره تعالى من الممكنات فليس