للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاختلاف.

ولا مرية أن من سلمت فطرته. وزكت طويته. ومن الله عليه بروح خاصة إقامته على الصراط السوي. وأبعدت فؤاده عن شياطين التأويلات وأبالسة التحريفات.

إذا أطلق العنان للعقل ليجري في سبيله الذي سنته له الفطرة من التدبر في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار وتسخير البحر لحمل الفلك مع قوة سلطانه وإرسال الرياح لتنير السحاب فينزل من السحاب ماء. فتحيا به الأرض بعد موتها. وتنبت ما شاء الله من الشجر والنبات مما فيه رزق الحي وحفاظ كيانه ينتهي به الأمر إلى الحكم البات الذي لا يعتر به شك ولا يشوبه تردد بأن له مصرفاً قوياً ومدبراً علياً يهيمن عليه ويقوم بشؤونه واحداً أحداً أنفرد بالخلق والإبداع. واستقل بالإيجاد والاختراع. لا مثل له يشابهه ويساويه ولا ضد له فينازعه ويناويه (أن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعلقون) أي علامات على توحده على أن تعدد الآلهة وتفرقها (فضلاً عن بداهة فساده) مضر يفرق بين البشر في وجهة قلوبهم إلى اعظم سلطان يتخذونه فوق قوتهم وفي ذلك فساد نظامهم إما اعتقاد جميعهم بآله واحد فهو توحيد لمنازع نفوسهم إلى سلطان واحد يخضع الجميع لحكمه وفي ذلك نظام حياتهم وهي قاعدة سعادتهم وإليها مآلهم وفي الكشاف في قوله تعالى (أارباب متفوقون خير أم الله الواحد القهار؟) المراد بالتفرق في الآية التفرق في العدد والتكاثر يقول أن تكون لكما أرباب شتى يستعبد كما هذا ويستعبد كما هذا خير لكما أم يكون لكما رب واحد قهار لا يغالب ولا يشارك في الربوبية بل هو القهار الغالب.

تباركت اللهم أوجدت هذا العالم الكبير المتباعد الأطراف. الواسع الأكناف. المفتقر إلى لطيف التقدير. وعظيم التصريف. وأحسنت كل شيء خلقه. وأبدعت في كل كائن صنعه. وجدت على كل حي بما إليه حاجته. ولم تحرم من رحمتك حقيراً ولا جليلاً من خلقك. أيكون في الوجود من ينازعك في ملكك. ويعارضك في تصرفك وتدبيرك، أيكون لك شريك في الملك. وولي من الذل تعاليت عما يقول الظالمون علواً كبيراً (قل لو كان معه آلهة يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً).