الزمان النوراني أن تصرف في العاصمة بعض الرسوم التي تجبى من الولايات وغيرها باسم المعارف وتنفق على ناشئة العاصمة مع غناهم وثروتهم وفقرنا وإملاقنا بالنظر إلى المجموع وإذا كان ناظر المعارف مضطراً إلى سلوك هذه الخطة فلماذا لم يحتج كما احتج غيره من النظار أو لماذا لم يعلن استعفاءه مصرحاً بعدم استحسان هذه العادة القديمة كما فعل غيره من الوزراء فلم يقبل استعفاؤه فخرج فائزاً بالظفر ونجح في كل ما طلب ولعل مبعوثينا يتعقبون كل هذه الدقائق ويكشفون لنا عنها حجاب الخفاء فإن الشورى مبنية على حكم الشعب الذي ينبغي أن يقف على تفصيل كل شيء من أحوال المملكة_وأما البقاء على إهمال شؤون المدارس الدينية وعدم تنظيمها وقلة العناية بها فقد استاء منه كل محب لخير بلاده ولاسيما أهل العلم والمنتمين إليه ولا يمكن لرجال الدين وسائر العلماء أن يتنصلوا من التقصير في هذا الصدد وإلا فأين المتصدون منهم لأداء واجب الأمة من إرشادهم إلى قرار الدين وحكمه ومواعظه وسائر ما يتعلق به مما يكفل لنا المراد به سعادة الدارسين وخص هنا بالذكر علماء الكلام الذي هو أساس الدين وأصله فما كان يجب على شيوخنا وأساتذتنا أن يتخولوا الناس بالنصائح الحسنة ولاسيما فيما يتعلق بالعقائد التي لم تزل تكثر طرق الفساد المتطرق إليها والشبهات الطارئة عليها أما كان عليهم أن يثمروا المساجد والمدارس بمثل هذه الدروس التي هي في المقام الأول بالنسبة إلى غيرها_أما كان على كل رئيس مدرسة أن يكون لديه نظام وقانون يحملان مرؤوسيه على حسن السلوك والاستقامة والمحافظة على أوقات الدروس والمطالعة والمذاكرة أما كان على رجال المدارس وكبار العلماء أن يتفاوضوا فيما يعود على الوطن بالنجاح العلمي ويحملوا الحكومة على وضع مقرراتهما موضع الاعتبار_ما كان عليهم أن يحثوا الأهالي على مواساة المتقين الذين يطلبون العلوم أناء الليل وأطراف النهار وليس لهم من المال إلا ما يطالونه من الصدقات والتبرعات التي تأتيهم على سبيل المصادفة وهكذا الواجبات التي لامجال لاستيفائها وختام المقال،
إن دام هذا ولم يحدث له غير ... لم يبك ميت ولم يفرح بمولود