للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يتمه والتلميذ ثانياً عن السؤال نفسه. وعن عدد رفقائه أول الكتاب وعددهم بعده هذا ولا تظنن أيها القارئ أن صاحبنا اذلي مل دام ملله بل قد علم من أحد أصدقائه أن الشيخ الفلاني يبتدئ يوم الأحد الكتاب السابق عينه فأعددته للحضور بين يديه مع تلامذته وفي الصباح أسرع حتى لا يفوته شيء من تقرير الشيخ وحضر ولكنه لم يلبث حتى تحول إلى درس آخر وهكذا تذهب حياته بين غدو ورواح ورغبة وملل. وفي ذلك ما فيه من حدوث العداوة بين ذلك الطالب ومطلوبه. إذ يثبت في قلبه بعدئذ أن وصوله إلى الغاية متعسر أو متعذر فيعرض عن العلم ويدعه ظهرياً وبسبب ذلك وغيره مما سنبين كثيرة قل عدد المتعلمين الحقيقيين. (ودخل في القوم من ليس منهم) فانحطت درجة هذا السلك الشريف وبقي إلا قليلاً مظاهر ترضي العين وتحزن القلب.

الدواء لهذا الداء

لا نرى دواءً أنجع لهذا الداء من إلزام المشايخ أنفسهم بالعمل بنظام مخصوص يسيرون عليه ويعملون بمقتضاه وامتناعهم بتاتاً من إهمال كتاب لبدائة آخر ومثلهم في كل ذلك التلامذة أيضاً مع ما يتبع ذلك من حسن المعاملة من الشقين والحض والتبشير من الأستاذ وهذا بلا ريب باعث على النشاط والأمل وقوة العزيمة والثبات والخير كله في الثبات

بقية المدارس

مر بنطرك نحو المدارس الأهلية عندنا فترى فيها التبدل والتقلب على أئمة ترى فهرس دروسها في رجب غيره في شعبان وفي رمضان فيره في شوال ترى عزيمة من بيده أمر شيء منها مصروفة تارة إلى ترقية اللغة التركية. وأخرى إلى تقوية اللغة العربية، ومرة إلى غير ذلك فهو بعد أن يعد عدته الأولى ويدخر لها ما في وسعه يعرض عنها ويستبدل بها الثانية. وهكذا حاله يوم ينتخب الكتب ويختار لها المعلمين، ففي كل شهر يتغير اجتهاده فيهم فيثبت منهم قسماً ويحذف الآخرين وهذا يتبعه تغير الكتب أيضاً لرجوعها في الغالب لرأي المعلم ومثل المدارس الأهلية في ذلك المدارس الأميرية فيبقى التلميذ فيها عرضة لأفكار الرؤوساء يسمعونه في كل شهر صوتاً وفي كل آونة نغماً. وهذا مع مافيه من سوء الصنيع وإضاعة الوقت الثمين بلا فائدة يعود على التلميذ بالضرر في مستقبله حيث يصير التقلب خلقاً ذاتياً له.