نقترح عليكم أيها الرؤساء أن تطرحوا هذه العادة جانباً وأن تتقوا الله في أطفال المسلمين وأفلاذاً أكبادهم وأن تحافظوا على أواتهم من الضياع فإن الله محاسيكم عليها.
وعليكم أن تدققوا أول السنة في ترتيب بروغرام الدروس واختيار المعلمين الأكفاء. وفي ذلك ما يكفل لكم الثبات وعدم التقلب أثناء السنة ولا يخفى ما يحصل من ذلك من الانتظام في المدارس. وعدم الفوضى في التعليم، وذلك خير ما يرقي مدارسنا.
أولياء التلامذة وضرر تقلبهم على المدارس
إن في الأهلين قسماً كبيراً درجوا على هذه العادة السيئة، وتخلقوا بهذا الخلق الشائن ألا وهو التقلب يأتي الرجل وله ثلاثة أولاد مثلاً فيرى في أول الأمر أن تفريقهم أولى لما يترتب على اجتماعهم من تضييع الوقت باللهو ونحوه فيجعل كل واحد منهم في مدرسة وهو لا يدري ما حقيقة المدارس التي وضعهم فيها ولا مراده في المستقبل من أولاده يترك الوالد في هذه المدارس أولاده وشأنهم ولا يعلم من أمرهم إلا أن المعلم طلب منهم كتباً ودفاتر وأوراقاً وغير ذلك فينقدهم ثمنها ثم يكتفي منهم بالذهاب في الصباح والإياب في المساء يظل هذا الرجل وحالته هذه بضعة اشهر وفي بعض الأيام يأتيه أحد أولاده قائلاً أي به أنا لا أذهب إلى المدرسة. اجعلني مع أخي في مدرسته فإنها أرقى من مدرستنا وأنفع. وفيها دروس كثيرة، وأنا لم أتعلم من مدرستي شيئاً، وعندنا شيخ لا يحسن التعليم، وربما تحامل علي أكثر من غيري. ولقد يضربني في حين لا أستحق الضرب وهكذا يذم مدرسته ويمدح مدرسة أخيه، ويغضب عليها، بعد أن كان راضياً عنها، ولا يزال يلح على أبيه حتى يجعله مع أخيه، وحينئذٍ يترائى له أن وضع أولاده معاً أحسن وأقرب للنفع والفائدة فيجعلهم في مكان واحد ولكن لا تمضي مدة طويلة حتى يتسامع في البلدة أن إحدى المدارس ستقيم ليلة كذا حفلة تختبر بها تلامذتها فيتسرع صاحبنا في اليوم الثاني إلى وضع أولاده في تلك المدرسة ظناً منه بأنها المدرسة التي تخرج له أولاداً نجباء ولم يدر أنه بذلك أهلك أولاده وأعدمهم نتيجة مستقبلهم إذ أنهم يوم كانوا متفرقين كان كل واحد منهم آخذاً بنصيب من الدروس وحظ من الفائدة ولكن لسوء الطالع لم يكمل لهم ذلك حتى جمعهم والدهم عملاً بنصيحة ولده الصغير في مدرسة واحدةة فابتدأوا بدروس غير تلك الدروس.