للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودفاتر غير تلك الدفاتر. وكتب غير تلك الكتب، ورأوا معلمين لم يكونوا رأوهم من قبل، وتناسوا جميع ما علق في أذهانهم من مدرستهم الأولى لأن مدرستهم الجديدة تقرئ الصرف التركي ولكن غير ما كانوا يعلمونه.

وتقرئ أيضاً النحو والفقه والتوحيد والحساب والجغرافيا ولكن بأسلوب يغاير أسلوب الأولى وهذا ما اضطرهم إلى تناسي ما كان ثابتاً في أذهانهم أقبل الأولاد يقتطفون ثمرات جديدة، ويتعلمون أسلوباً حديثاً، ولكن مع الأسف ما أوشكوا أن يتعرفوا هذا الأسلوب الحديث ويأخذوا بأول ثمراته حتى سمع والدهم العزيز صوت حفلة أخرى فعزم على إخراجهم إلى المدرسة الرابعة لينالوا ثمت من العلم أكمله وأوفاه ندع الوالد لفكره ورأيه وننظر الأولاد فإنهم لما دخلوا المدرسة امتحنهم مديرها (وهكذا مديرة المدارس عندنا لا يقبلون أحداً إلا بالامتحان) ووزعهم على حسب استعدادهم وفي المساء جاء الأولاد بيد كل واحد منهم جريدة كتب فيها أسماء الكتب والدفاتر والوالد التي تلزمه فنقدهم الأب كامل وكثيراً ما يضع من رتبتهم بخساً ليوهمهم قلة علم من كانوا عنده ما طلبوه، وأرسل عليهم رحماته الأبوية ودعا لهم بكلمات الرضا والإحسان.

مضى على الأولاد في المدرسة الرابعة مدة أيام نزعوا فيها ما ثبت في أذهانهم من مدرستهم السابقة وابتدروا يأخذون من الجديدة ما فيها أما الوالد فبينا كان مع أصحابه في بعض الأيام إذ رأى بيد أحدهم ورقة فطلبها ليعلم ما فيها فأذاها تقول تدرس مدرستنا العلوم العصرية والعلوم الدينية وتعني عناية تامة باللغات الإفرنسية والتركية والعربية مع ما يلزم الإنسان معرفته من العلوم الرياضية كالجغرافيا والهندسة المسطحة والهندسة المجسمة والحساب بأنواعه إلخ. . إلخ فاعجب بها وبكثرة دروسها وفكر أنه ليس بين أولاده وتحصيلهم هذه الدروس كلها غلا أن ينقلهم إليها ويجعلهم في عداد تلامذتها ومتى أتموا دروسهم فيها ينتخبون مبعوثين أو يختارون ولاة أو مشيرين وما تنفس صبح اليوم التالي حتى أسرع فنادى كبير أولاده ليؤذن أخويه بعدم الذهاب إلى المدرسة ففعل وكان الأخ الصغير يجتهد ليلة كله لوعد سلف منه لمعلمه بحفظ دروس الفقه فلما علم بأمر والده فرح وذهب ما كان يجده من حرارة الوعد وثقله ثم ساروا جميعاً ضحوة النهار إلى المدرسة الجديدة وهي خامسة المدارس وهكذا مضت حياتهم بين قديم وحديث ومدرسة كبيرة وأكبر